الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } * { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } * { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } * { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } * { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } * { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } * { فَوَقَٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } * { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً }

{ إن الإبرار يَشْربونَ } في الأبرار قولان:

أحدهما: أنهم الصادقون، قاله الكلبي.

الثاني: المطيعون، قاله مقاتل.

وفيما سُمّوا أبراراً ثلاثة أقاويل:

أحدها: سمّوا بذلك لأنهم برّوا الآباء والأبناء، قاله ابن عمر.

الثاني: لأنهم كفوا الأذى، قاله الحسن.

الثالث: لأنهم يؤدون حق الله ويوفون بالنذر، قاله قتادة.

وقوله { مِن كأسٍ } يعني الخمر، قال الضحاك: كل كأس في القرآن فإنما عنى به الخمر.

وفي وقوله { كان مِزاجها كافوراً } قولان:

أحدهما: أن كافوراً عين في الجنة اسمها كافور، قاله الكلبي.

الثاني: أنه الكافور من الطيب فعلى هذا في المقصود منه في مزاج الكأس به ثلاثة أقاويل:

أحدها: برده، قال الحسن: ببرد الكافور وطعم الزنجبيل.

الثاني: بريحه، قاله قتادة: مزج بالكافور وختم بالمسك.

الثالث: طعمه، قال السدي: كأن طعمه طعم الكافور.

{ عَينْاً يَشْرَبُ بها عبادُ اللَّهِ } يعني أولياء اللَّه، لأن الكافر لا يشرب منها شيئاً وإن كان من عباد الله، وفيه وجهان:

أحدهما: ينتفع بها عباد الله، قاله الفراء.

الثاني: يشربها عباد الله.

قال مقاتل: هي التسنيم، وهي أشرف شراب لاجنة، يشرب بها المقربون صِرفاً، وتمزج لسائر أهل الجنة بالخمر واللبن والعسل.

{ يُفَجِّرونَها تفْجيراً } فيه وجهان:

أحدهما: يقودونها إلى حيث شاءوا من الجنة، قاله مجاهد.

الثاني: يمزجونها بما شاءوا، قاله مقاتل.

ويحتمل وجهاً ثالثاً: أن يستخرجوه من حيث شاءوا من الجنة.

وفي قوله " تفجيراً " وجهان:

أحدهما: أنه مصدر قصد به التكثير.

الثاني: أنهم يفجرونه من تلك العيون عيوناً لتكون أمتع وأوسع.

{ يُوفُونَ بالنّذْرِ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: يوفون بما افترض الله عليهم من عبادته، قاله قتادة.

الثاني: يوفون بما عقدوه على أنفسهم من حق الله، قاله مجاهد.

الثالث: يوفون بالعهد لمن عاهدوه، قاله الكلبي.

الرابع: يوفون بالإيمان إذا حلفوا بها، قاله مقاتل.

ويحتمل خامساً: أنهم يوفون بما أُنذِروا به من وعيده.

{ ويَخافون يوْماً كان شَرُّه مُسْتَطيراً } قال الكلبي عذاب يوم كان شره مستطيراً، وفيه وجهان:

أحدهما: فاشياً، قاله ابن عباس والأخفش.

الثاني: ممتداً، قاله الفراء، ومنه قول الأعشى:

فبانتْ وقد أَوْرَثَتْ في الفؤادِ   صَدْعاً على نأيها مُستطيرا
أي ممتداً.

ويحتمل وجهاً ثالثاً يعني سريعاً.

{ ويُطْعمونَ الطعامَ على حُبِّهِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: على حب الطعام، قاله مقاتل.

الثاني: على شهوته، قاله الكلبي.

الثالث: على قلته، قاله قطرب.

{ مسكيناً ويتيماً وأسيراً } في الأسير ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه المسجون المسلم، قاله مجاهد.

السابقالتالي
2