الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } * { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } * { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } * { قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } * { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } * { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } * { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } * { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } * { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } * { إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً }

{ مُتّكِئينَ فيها على الأرائِك } وفيها مع ما قدّمناه من تفسيرها قولان:

أحدهما: أنها الأسرّة، قاله ابن عباس.

الثاني: أنها كل ما يتكأ عليه، قاله الزجاج.

{ لا يَرَوْنَ فيها شمْساً ولا زَمْهَريراً } أما المراد بالشمس ففيه وجهان:

أحدهما: أنهم في ضياء مستديم لا يحتاجون فيه إلى ضياء، فيكون عدم الشمس مبالغة في وصف الضياء.

الثاني: أنهم لا يرون فيها شمساً فيتأذون بحرها، فيكون عدمها نفياً لأذاها.

وفي الزمهرير ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه البرد الشديد، قال عكرمة لأنهم لا يرون في الجنة حراً ولا برداً.

الثاني: أنه لون في العذاب، قاله ابن مسعود.

الثالث: أنه من هذا الموضع القمر، قاله ثعلب وأنشد:

وليلةٍ ظلامُها قد اعتكَرْ   قطْعتها والزمهريرُ ما ظَهَرْ
وروي ما زهر، ومعناه أنهم في ضياء مستديم لا ليل فيه ولا نهار، لأن ضوء النهار بالشمس، وضوء الليل بالقمر.

{... وذُلِّلّتْ قُطوفُها تذْليلاً } فيه وجهان:

أحدهما: أنه لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد، قاله قتادة.

الثاني: أنه إذا قام ارتفعت، وإذا قعد نزلت، قاله مجاهد.

ويحتمل ثالثاً: أن يكون تذليل قطوفها أن تبرز لهم من أكمامها وتخلص من نواها.

{... وأَكْوابٍ كانت قَواريرَا * قواريرَا من فِضّةٍ } أما الأكواب فقد ذكرنا ما هي من جملة الأواني.

وفي قوله تعالى: " قوارير من فضة " وجهان:

أحدهما: أنها من فضة من صفاء القوارير، قاله الشعبي.

الثاني: أنها من قوارير في بياض الفضة، قاله أبو صالح.

وقال ابن عباس: قوارير كل أرض من تربتها، وأرض الجنة الفضة فلذلك كانت قواريرها فضة.

{ قَدَّرُوها تقْديراً } فيه خمسة أقاويل:

أحدها: أنهم قدروها في أنفسهم فجاءت على ما قدروها، قاله الحسن.

الثاني: على قدر ملء الكف، قاله الضحاك.

الثالث: على مقدار لا تزيد فتفيض، ولا تنقص فتغيض، قاله مجاهد.

الرابع: على قدر ريهم وكفايتهم، لأنه ألذ وأشهى، قاله الكلبي.

الخامس: قدرت لهم وقدروا لها سواء، قاله الشعبي.

{ ويُسْقَونَ فيها كأساً كان مِزاجُها زَنْجبيلاً } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: تمزج بالزنجبيل، وهو مما تستطيبه العرب لأنه يحذو اللسان ويهضم المأكول، قاله السدي وابن أبي نجيح.

الثاني: أن الزنجبيل اسم للعين التي فيها مزاج شراب الأبرار، قاله مجاهد.

الثالث: أن الزنجبيل طعم من طعوم الخمر يعقب الشرب منه لذة، حكاه ابن شجرة، ومنه قول الشاعر:

وكأن طعْمَ الزنجبيلِ به   اذْ ذُقْتُه وسُلافَةَ الخمْرِ
{ عْيناً فيها تُسَمّى سَلْسَبيلاً } فيه ستة أقاويل:

أحدها: أنه اسم لها، قاله عكرمة.

الثاني: معناه سلْ سبيلاً إليها، قاله علّي رضي الله عنه.

السابقالتالي
2