الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } * { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } * { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } * { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } * { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } * { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } * { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ }

قوله تعالى: { لا أُقسِم بيومِ القيامةِ } اختلفوا في " لا " المبتدأ بها في أول الكلام على ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنها صلة دخلت مجازاً ومعنى الكلام أقسم بيوم القيامة، قاله ابن عباس وابن جبير وأبو عبيدة، ومثله قول الشاعر:

تَذكّرْت ليلى فاعْتَرْتني صَبابةٌ   وكاد ضمير القلْبِ لا يتَقطّع.
الثاني: أنها دخلت توكيداً للكلام كقوله: لا والله، وكقول امرىء القيس:

فلا وأبيكِ ابنةَ العامريّ   لا يدّعي القوم أني أَفِرْ.
قاله أبو بكر بن عياش.

الثالث: أنها رد لكلام مضى من كلام المشركين في إنكار البعث، ثم ابتدأ القسم فقال: أقسم بيوم القيامة، فرقاً بين اليمين المستأنفة وبين اليمين تكون مجدداً، قاله الفراء.

وقرأ الحسن: لأقْسِمُ بيوم القيامة، فجعلها لاماً دخلت على ما أُقسم إثباتاً للقسم، وهي قراءة ابن كثير.

{ ولا أُقْسِم بالنّفْسِ اللوّامةِ } فيه وجهان:

أحدهما: أنه تعالى أقسم بالنفس اللوامة كما أقسم بيوم القيامة فيكونان قَسَمَيْن، قاله قتادة.

الثاني: أنه أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة، قاله الحسن، ويكون تقدير الكلام: أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة. وفي وصفها باللوامة قولان:

أحدهما: أنها صفة مدح، وهو قول من جعلها قسماً:

الثاني: أنها صفة ذم، وهو قول من نفى أن يكون قسماً.

فمن جعلها صفة مدح فلهم في تأويلها ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها التي تلوم على ما فات وتندم، قاله مجاهد، فتلوم نفسها على الشر لم فعلته، وعلى الخير أن لم تستكثر منه.

الثاني: أنها ذات اللوم، حكاه ابن عيسى.

الثالث: أنها التي تلوم نفسها بما تلوم عليه غيرها.

فعلى هذه الوجوه الثلاثة تكون اللوامة بمعنى اللائمة.

ومن جعلها صفة ذم فلهم في تأويلها ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها المذمومة، قاله ابن عباس.

الثاني: أنها التي تلام على سوء ما فعلت.

الثالث: أنها التي لا صبر لها على محن الدنيا وشدائدها، فهي كثيرة اللوم فيها، فعلى هذه الوجوه الثلاثة تكون اللوامة بمعنى الملومة.

{ أيَحْسَب الإنسان } يعني الكافر.

{ أنْ لن نَجْمَعَ عِظامَه } فنعيدها خلقاً جديداً بعد أن صارت رفاتاً.

{ بلى قادِرينَ على أنْ نُسوّيَ بَنانه } في قوله " بلى " وجهان:

أحدهما: أنه تمام قوله " أن لن نجمع عظامه " أي بلى نجمعها، قاله الأخفش.

الثاني: أنها استئناف بعد تمام الأول بالتعجب بلى قادرين، الآية وفيه وجهان:

أحدهما: بلى قادرين على أن نسوي مفاصله ونعيدها للبعث خلقاً جديداً، قاله جرير بن عبد العزيز.

الثاني: بلى قادرين على أن نجعل كفه التي يأكل بها ويعمل حافر حمار أو خف بعير، فلا يأكل إلا بفيه، ولا يعمل بيده شيئاً، قاله ابن عباس وقتادة.

السابقالتالي
2 3