الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } * { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } * { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } * { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } * { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } * { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } * { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } * { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } * { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }

{ كلا إذا بَلَغَتِ التّراقِيَ } يعني بلوغ الروح عند موته إلى التراقي، وهي أعلى الصدر، واحدها ترقوه.

{ وقيلَ مَنْ راقٍ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: قال أَهْله: من راقٍ يرقيه بالرُّقى وأسماء الله الحسنى، قاله ابن عباس.

الثاني: مَنْ طبيبٌ شافٍ، قاله أبو قلابة، قال الشاعر:

هل للفتى مِن بنات الدهرِ من واقى   أم هل له من حمامِ الموتِ من راقي
الثالث: قال الملائكة: مَن راقٍ يرقى بروحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس.

{ وظَنَّ أنّه الفِراق } أي تيقن أنه مفارق الدنيا.

{ والْتَفّتِ الساقُ بالساقِ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: اتصال الدنيا بالآخرة، قاله ابن عباس.

الثاني: الشدة بالشدة والبلاء بالبلاءِ، وهو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع، قاله عكرمة ومجاهد، ومنه قول حذيفة بن أنس الهذلي:

أخو الحرب إن عضّت به الحربُ عضّها   وإن شمّرتْ عن ساقها الحرب شمّرا.
الثالث: التفّت ساقاه عند الموت، وحكى ابن قتيبة عن بعض المفسرين أن التفاف الساق بالساق عند الميثاق، قال الحسن:

ماتت رجلاه فلم تحملاه وقد كان عليهما جوّالاً.

الرابع: أنه اجتمع أمران شديدان عليه: الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه، قاله ابن زيد.

{ إلى ربِّك يومئذٍ المساقُ } فيه وجهان:

أحدهما: المنطلق، قاله خارجة.

الثاني: المستقر، قاله مقاتل.

{ فلا صَدَّقَ ولا صَلَّى } هذا في أبي جهل، وفيه وجهان:

أحدهما: فلا صدّق بكتاب الله ولا صلّى للَّه، قاله قتادة.

الثاني: فلا صدّق بالرسالة ولا آمن بالمرسل، وهو معنى قول الكلبي.

ويحتمل ثالثاً: فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه.

{ ولكن كَذَّبَ وتَوَلَّى } فيه وجهان:

أحدهما: كذب الرسول وتولى عن المرسل.

الثاني: كذب بالقرآن وتولى عن الطاعة.

{ ثم ذَهَبَ إلى أَهْلِه يَتَمَطَّى } يعني أبا جهل، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: يختال في نفسه، قاله ابن عباس.

الثاني: يتبختر في مشيته، قال زيد بن أسلم وهي مشية بني مخزوم.

الثالث: أن يلوي مطاه، والمطا: الظهر، وجاء النهي عن مشية المطيطاء وذلك أن الرجل يلقي يديه مع الكفين في مشيه.

{ أوْلَى لك فأوْلَى * ثم أوْلَى لك فأوْلَى } حكى الكلبي ومقاتل: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا جهل ببطحاء مكة وهو يتبختر في مشيته، فدفع في صدره وهمزه بيده وقال:

" أوْلى لك فأولى " فقال أبو جهل:

إليك عني أوعدني يا ابن أبي كبشة ما تستطيع أنت ولا ربك الذي أرسلك شيئاً، فنزلت هذه الآية.

وفيه وجهان:

أحدهما: وليك الشر، قال قتادة، وهذا وعيد على وعيد.

السابقالتالي
2