الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } * { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } * { فِي جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } * { قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ } * { وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } * { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ } * { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ } * { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ } * { فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } * { كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ } * { فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } * { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } * { كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلآخِرَةَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ } * { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } * { وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ }

{ كلُّ نفْسٍ بما كَسَبَتْ رَهينةٌ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: ان كل نفس مرتهنة محتسبة بعملها لتحاسب عليه، إلا أصحاب اليمين، وهم أطفال المسلمين فإنه لا حساب عليهم لأنه لا ذنوب لهم، قاله عليٌّ رضي الله عنه.

الثاني: كل نفس من أهل النار مرتهنة في النار إلا أصحاب اليمين وهم المسلمون، فإنهم لا يرتهنون، وهم إلى الجنة يسارعون، قاله الضحاك.

الثالث: كل نفس بعملها محاسبة إلا أصحاب اليمين وهم أهل الجنة، فإنهم لا يحاسبون، قاله ابن جريج.

{ وكنّا نَخُوض مع الخائضينَ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: نكذب مع المكذبين، قاله السدي.

الثاني: كلما غوى غاو غوينا معه، قاله قتادة.

الثالث: قولهم محمد كاهن، محمد ساحر، محمد شاعر، قاله ابن زيد.

ويحتمل رابعاً، وكنا أتباعاً ولم نكن مبتوعين.

{ وكنّا نًكذّب بيوم الدِّين } يعني يوم الجزاء وهو يوم القيامة.

{ حتى أتانا اليقين } فيه وجهان:

أحدهما: الموت، قاله السدي.

الثاني: البعث يوم القيامة.

{ فما لهم عن التَذْكِرَةِ مُعْرِضين } قال قتادة: عن القرآن.

ويحتمل ثالثاً: عن الاعتبار بعقولهم.

{ كأنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرةٌ } قرأ نافع وابن عامر بفتح الفاء، يعني مذعورة وقرأ الباقون بكسرها، يعني هاربة، وأنشد الفراء:

أمْسِكْ حمارَك إنه مُستنفِرٌ   في إثْر أحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لغُرَّبِ.
{ فَرَّتْ من قَسْورةٍ } فيه ستة تأويلات:

أحدها: أن القسورة الرماة، قاله ابن عباس.

الثاني: أنه القناص أي الصياد، ومنه قول علي:

يا ناس إني مثل قسورةٍ   وإنهم لعداة طالما نفروا.
الثالث: أنه الأسد، قاله أبو هريرة، روى يوسف بن مهران عن ابن عباس أنه الأسد بلسان الحبشة، قال الفرزدق:

إلى هاديات صعاب الرؤوس   فساروا للقسور الأصيد.
الرابع: أنهم عصب من الرجال وجماعة، رواه أبو حمزة عن ابن عباس.

الخامس: أنه أصوات الناس، رواه عطاء عن ابن عباس.

السادس: أنه النبيل، قاله قتادة.

{ بل يريد كلُّ امرىءٍ منهم أنْ يُؤْتى صحُفاً مُنَشّرةً } يعني كتباً منشورة وفيه أربعة أوجه:

أحدها: أن يؤتى كتاباً من الله أن يؤمن بمحمد، قاله قتادة.

الثاني: أن يؤتى براءة من النار أنه لا يقذف بها، قاله أبو صالح.

الثالث: أن يؤتى كتاباً من الله بما أحل له وحرم عليه، قاله مقاتل.

الرابع: أن كفار قريش قالوا إن بني إسرائيل كانوا إذا أذنب الواحد ذنباً وجده مكتوباً في رقعة، فما بالنا لا نرى ذلك فنزلت الآية، قاله الفراء.

{ هو أهل التقْوَى وأهل المغْفِرةِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: هو أهل أن تتقى محارمه، وأهل أن يغفر الذنوب، قاله قتادة.

الثاني: هو أهل أن يتقى أن يجعل معه إله غيره، وأهل لمن اتقاه أن يغفر له، وهذا معنى قول رواه أنس مرفوعاً.

الثالث: هو أهل أن يتقى عذابه وأهل أن يعمل بما يؤدي إلى مغفرته.

ويحتمل رابعاً: أهل الانتقام والإنعام.