الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } * { قُمْ فَأَنذِرْ } * { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } * { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } * { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } * { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } * { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } * { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ }

قوله تعالى: { يا أيها المدَّثِّر } فيه قولان:

أحدهما: يا أيها المدثر بثيابه، قاله قتادة.

الثاني:بالنبوة وأثقالها، قاله عكرمة.

{ قم } من نومك { فأنذر } قومك عذاب ربك.

ويحتمل وجهاً ثالثاً: يا أيها الكاتم لنبوته اجهر بإنذارك.

ويحتمل هذا الإنذار وجهين:

أحدهما: إعلامهم بنبوته لأنه مقدمة الرسالة.

الثاني: دعاؤهم إلى التوحيد لأنه المقصود بها.

قال ابن عباس وجابر هي أول سورة نزلت.

{ وثيابَك فَطِّهرْ } فيه خمسة أقاويل:

أحدها: أن المراد بالثياب العمل.

الثاني: القلب.

الثالث: النفْس.

الرابع: النساء والزوجات.

الخامس: الثياب الملبوسات على الظاهر.

فمن ذهب على أن المراد بها العمل قال تأويل الآية: وعملك فأصلح، قاله مجاهد، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" يحشر المرء في ثوبيه اللذين مات فيها " يعني عمله الصالح والطالح.

ومن ذهب إلى أن المراد بالثياب القلب فالشاهد عليه قول امرىء القيس:

وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ   فسلّي ثيابي من ثيابكِ تنسلِ
ولهم في تأويل الآية وجهان:

أحدهما: معناه وقلبك فطهر من الإثم والمعاصي، قاله ابن عباس وقتادة.

الثاني: وقلبك فطهر من الغدر وهذا مروي عن ابن عباس، واستشهد بقول الشاعر:

فإني بحْمدِ الله لا ثوْبَ فاجر   لبست ولا مِن غَدْرةٍ أَتَقَنّع.
ومن ذهب إلى أن المراد بالثياب النفس فلأنها لابسة الثياب، فكنى عنها بالثياب، ولهم في تأويل الآية ثلاثة أوجه:

أحدها: معناه ونفسك فطهر مما نسبك إليه المشركون من شعر أو سحر أو كهانة أو جنون، رواه ابن أبي نجيح وأبو يحيى عن مجاهد.

الثاني: ونفسك فطهرها مما كنت تشكو منه وتحذر، من قول الوليد بن المغيرة، قاله عطاء.

الثالث: ونفسك فطهرها من الخطايا، قاله عامر.

ومن ذهب إلى أن المراد النساء والزوجات فلقوله تعالى:هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } [البقرة: 187] ولهم في تأويل الآية وجهان:

أحدهما: معناه ونساءك فطهر باختيار المؤمنات العفائف.

الثاني: الاستمتاع بهن من القبل دون الدبر، وفي الطهر دون الحيض، حكاهما ابن بحر.

ومن ذهب إلى أن المراد بها الثياب الملبوسة على الظاهر، فلهم في تأويله أربعة أوجه:

أحدها: معناه وثيابك فأنْقِ، رواه عطاء عن ابن عباس، ومنه قول امرىء القيس:

ثياب بني عَوفٍ طهارى نقيّةٌ   وأَوْجُهُهُمْ عند المشاهد غُرّان
الثاني: وثيابك فشمّر وقصّر، قاله طاووس.

الثالث: وثيابك فطهر من النجاسات بالماء، قاله محمد بن سيرين وابن زيد والفقهاء.

الرابع: معناه لا تلبس ثياباً إلا [من] كسب حلال مطهرة من الحرام.

{ والرُّجْزَ فاهْجُرْ } فيه ستة تأويلات:

أحدها: يعني الآثام والأصنام، قاله جابر وابن عباس وقتادة والسدي.

السابقالتالي
2