الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً } * { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً } * { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً } * { ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً } * { ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً } * { فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } * { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } * { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } * { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } * { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } * { أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً } * { وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ ٱلشَّمْسَ سِرَاجاً } * { وَٱللَّهُ أَنبَتَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } * { ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ بِسَاطاً } * { لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً }

{ قال رَبِّ إنّي دَعَوْتُ قَوْمي ليلاً ونهاراً } فيه وجهان:

أحدهما: دعوتهم ليعبدوك ليلاً ونهاراً.

الثاني: دعوتهم ليلاً ونهاراً إلى عبادتك.

{ فلم يَزدْهم دُعائي إلاّ فِراراً } يحتمل وجهين:

أحدهما: إلا فراراً من طاعتك.

الثاني: فراراً من إجابتي إلى عبادتك.

قال قتادة: بلغنى أنه كان يذهب الرجل بابنه إلى نوح، فيقول لابنه: احذر هذا لا يغرنك فإن أبي قد ذهب بي غليه وأنا مثلك، فحذرني كما حذرتك.

{ وإنِّي كلما دَعَوْتُهم لِتَغَفِرَ لهم } يعني كلما دعوتهم إلى الإيمان لتغفر لهم ما تقدم من الشرك.

{ جعلوا أصابعهم في آذانهم } لئلا يسمعوا دعاءه ليؤيسوه من إجابة ما لم يسمعوه، قال محمد بن إسحاق: كان حليماً صبوراً.

{ واستغْشَوا ثيابَهم } أي عطوا رؤسهم وتنكروا لئلا يعرفهم.

{ وأَصَرُّوا } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: أنه إقامتهم على الكفر، قال قتادة: قدماً قدماً في معاصي اللَّه لالتهائهم عن مخافة اللَّه حتى جاءهم أمر اللَّه.

الثاني: الإصرار: أن يأتي الذنب عمداً، قاله الحسن.

الثالث: معناه أنهم سكتوا على ذنوبهم فلم يستغفروا قاله السدي.

{ واستكْبَروا استكباراً } فيه وجهان:

أحدهما: أن ذلك كفرهم باللَّه وتكذيبهم لنوح، قاله الضحاك.

الثاني: أن ذلك تركهم التوبة، قاله ابن عباس، وقوله " استبكارا " تفخيم.

{ ثم إنّي دَعْوتُهم جِهاراً } أي مجاهرة يرى بعضهم بعضاً.

{ ثم إني أعْلَنْتُ لهم } يعني الدعاء، قال مجاهد: معناه صِحْتُ.

{ وأسَرَرْتُ لهم إسْراراً } الدعاء عن بعضهم من بعض، وفيه وجهان:

أحدهما: أنه دعاهم في وقت سراً، وفي وقت جهراً.

الثاني: دعا بعضهم سراً وبعضهم جهراً، وكل هذا من نوح مبالغة في الدعاء وتلطفاً في الاستدعاء.

{ فقلتُ استغْفِروا ربّكم إنّه كان غَفّاراً } وهذا فيه ترغيب في التوبة، وقد روى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الاستغفار ممحاة للذنوب ".

وقال: الفضيل: يقول العبد استغفر اللَّه، قال: وتفسيرها أقلني.

{ يُرْسِلِ السماءَ عليكم مِدْراراً } يعني غيثاً متتابعاً، وقيل إنهم كانوا قد أجدبوا أربعين سنة، حتى أذهب الجدب أموالهم وانقطع الولد عن نسائهم، فقال ترغيباً في الإيمان.

{ ويُمْدِدْكم بأموالٍ وبنينَ ويَجْعَل لكم جَنّاتٍ ويَجْعَل لكم أنهاراً } قال قتادة:

علم نبي اللَّه نوح أنهم أهل حرص على الدنيا، فقال هلموا إلى طاعة اللَّه فإن من طاعته درك الدنيا والآخرة.

{ ما لكم لا ترجون للَّه وقاراً } فيه خمسة تأويلات:

أحدها: ما لكم لا تعرفون للَّه عظمة، قاله مجاهد، وعكرمة.

الثاني: لا تخشون للَّه عقاباً وترجون منه ثواباً، قاله ابن عباس في رواية ابن جبير.

السابقالتالي
2