قوله عز وجل: { إنا أَرْسَلْنا نُوحاً إلى قَوْمِه } روى قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أول نبي أُرسل نوح " قال قتادة: بعث من الجزيرة. واختلف في سنه حين بعث: قال ابن عباس: بعث وهو ابن أربعين سنة. وقال عبد اللَّه بن شداد: بعث وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة. وقال إبراهيم بن زيد: إنما سمي نوحاً لأنه كان ينوح على نفسه في الدنيا. { أنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أن يأتيَهم عَذابٌ أَليمٌ } فيه وجهان: أحدهما: يعني عذاب النار في الآخرة، قاله ابن عباس. الثاني: عذاب الدنيا، وهو ما ينزل عليهم بعد ذلك من الطوفان، قاله الكلبي، وكان يدعو قومه وينذرهم فلا يرى منهم مجيباً، وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه، فيقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. { يَغْفِرْ لكم مِن ذُنوبكم } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن " من " صلة زائدة، ومعنى الكلام يغفر ذنوبكم، قاله السدي. الثاني: أنها ليست صلة، ومعناه يخرجكم من ذنوبكم، قاله زيد بن أسلم. الثالث: معناه يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها، قاله ابن شجرة. { ويُؤَخِّرْكم إلى أجَلٍ مُسمى } يعني إلى موتكم وأجلكم الذي خط لكم، فيكون موتكم بغير عذاب إن آمنتم. { إنّ أَجَلَ اللَّه إذا جاءَ لا يُؤخَّرُ لو كنتم تَعْلَمونَ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يعني بأجل اللَّه الذي لا يؤخر يوم القيامة، جعله اللَّه أجلاً للبعث، قاله الحسن. الثاني: يعني أجل الموت إذا جاء لم يؤخر، قاله مجاهد. الثالث: يعني أجل العذاب إذا جاء لا يؤخر، قاله السدي. وفي قوله: " لو كنتم تعلمون " وجهان: أحدهما: أن ذلك بمعنى إن كنتم تعلمون. الثاني: لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل اللَّه إذا جاء لا يؤخر، قاله الحسن.