الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } * { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ } * { أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ } * { كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } * { فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ }

{ فما للذين كَفَروا قِبلَكَ مُهْطِعينَ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: مسرعين، قاله الأخفش، قال الشاعر:

بمكةَ دارُهم ولقد أراهم   بمكةَ مُهطِعين إلى السماع
الثاني: معرضين، قاله عطية العوفي.

الثالث: ناظرين إليك تعجباً، قاله الكلبي.

{ عن اليمين وعن الشِّمال عِزِينَ } فيه خمسة أوجه:

أحدها: متفرقين، قاله الحسن، قال الراعي:
أخليفةَ الرحمنِ إن عشيرتي   أمسى سَراتُهُمُ إليك عِزينا.
الثاني: محتبين، قال مجاهد.

الثالث: أنهم الرفقاء والخلطاء، قاله الضحاك.

الرابع: أنهم الجماعة القليلة، قاله ابن أسلم.

الخامس: أن يكونوا حِلقاً وفرقاً.

روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم حِلَق فقال: " ما لي أراكم عزين " قال الشاعر:

ترانا عنده والليل داج   على أبوابه حِلقاً عِزينا.
{ يوم يَخْرجون من الأجداثِ سِراعاً } يعني من القبور.

{ كأنهم إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } في " نصب " قراءتان: إحداهما بتسكين الصاد، والأخرى بضمها.

وفي اختلافهما وجهان:

أحدهما: معناهما واحد، قاله المفضل وطائفة، فعلى هذا في تأويله أربعة أوجه:

أحدها: معناه إلى علم يستبقون، قاله قتادة.

الثاني: إلى غايات يستبقون، قاله أبو العالية.

الثالث: إلى أصنامهم يسرعون، قاله ابن زيد، وقيل إنها حجارة طوال كانوا يعبدونها.

الرابع: إلى صخرة بيت المقدس يسرعون.

والوجه الثاني من الأصل أن معنى القراءتين مختلف، فعلى هذا في اختلافهما وجهان:

أحدهما: أن النُّصْب بالتسكين الغاية التي تنصب إليها بصرك، والنُّصُب بالضم واحد الأنصاب، وهي الأصنام، قاله أبو عبيدة ومعنى " يوفضون " يسرعون، والإيفاض الإسراع، ومنه قول رؤبة:

يمشين بنا الجد على الإيفاض   بقطع أجواز الفلا انفضاض.