الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } * { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } * { يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } * { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } * { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } * { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ }

{ يومَ تكونُ السّماءُ كالمُهْلِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: كدرديّ الزيت، قاله ابن عباس.

الثاني: كمذاب الرصاص والنحاس والفضلة، قاله ابن مسعود.

الثالث: كقيح من دم، قاله مجاهد.

{ وتكونُ الجبالُ كالعِهْنِ } يعني كالصوف المصبوغ، والمعنى أنها تلين بعد الشدة، وتتفرق بعد الاجتماع.

{ يُبْصّرُونَهم } فيه أربعة أوجه:

أحدها: أنه يبصر بعضهم بعضاً فيتعارفون، قاله قتادة.

الثاني: أن المؤمنين يبصرون الكافرين، قاله مجاهد.

الثالث: أن الكافرين يبصرون الذين أضلوهم في النار، قاله ابن زيد.

الرابع: أنه يبصر المظلوم ظالمه، والمقتول قاتله.

{ يَوَدّ المجْرِمُ } فيه وجهان:

أحدهما: يحب.

الثاني: يتمنى، والمجرم هو الكافر.

{ لو يَفْتَدِي مِن عَذابِ يومِئذ } يعني يفتدي من عذاب جهنم بأعز من كان عليه في الدنيا من أقاربه، فلا يقدر.

ثم ذكرهم فقال: { ببنيه }.

{ وصاحبته } يعني زوجته: { وأخيه }.

{ وفصيلته } فيه وجهان:

أحدهما: عشيرته التي تنصره، قاله ابن زيد.

الثاني: أنها أمه التي تربيه، قاله مالك، وقال أبو عبيدة: الفصيلة دون القبيلة.

{ التي تؤويه } فيه وجهان:

أحدهما: التي يأوي إليها في نسبه، قاله الضحاك.

الثاني: يأوي إليها في خوفه.

{ كلا إنها لَظَى } فيه وجهان:

أحدهما: أنها اسم من أسماء جهنم، سميت بذلك لأنها التي تتلظى، وهو اشتداد حرها.

الثاني: أنه اسم الدرك الثامن في جهنم، قاله الضحاك.

{ نَزّاعة للشّوَى } فيه خمسة تأويلات:

أحدها: أنها أطراف اليدين والرجلين، قاله أبو صالح، قال الشاعر:

إذا نَظَرْتَ عَرَفْت الفخر منها   وعَيْنيها ولم تعْرِفْ شَواها.
الثاني: قال الضحاك: هي جهنم تفري اللحم والجلد عن العظم، وقال مجاهد: جلدة الرأس ومنه قول الأعشى:

قالت قُتَيْلَةُ ما لَه   قد جُلِّلَتْ شيْباً شَواتهُ.
الثالث: أنه العصب والعقب، قاله ابن جبير.

الرابع: أنه مكارم وجهه، قاله الحسن.

الخامس: أنه اللحم والجلد الذي على العظم،لأن النار تشويه، قاله الضحاك.

{ تَدْعو مَنْ أَدْبَرَ وتَوَلّى } وفي دعائها ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها تدعوهم بأسمائهم فتقول للكافر: يا كافر إليّ، وللمنافق: يا منافق إليّ، قاله الفراء.

الثاني: أن مصير من أدبر وتولى إليها، فكأنها الداعية لهم، ومثله قول الشاعر:

ولقد هَبَطْنا الوادِيَيْن فوادياً   يَدْعو الأنيسَ به العَضيضُ الأبكمُ.
العضيض الأبكم: الذباب، وهو لا يدعو وإنما طنينه ينبه عليه، فدعا إليه.

الثالث: الداعي خزنة جهنم أضيف دعاؤهم إليها، لأنهم يدعون إليها.

وفي ما { أدبر وتولى } عنه أربعة أوجه:

أحدها: أدبر عن الطاعة وتولى عن الحق، قاله مجاهد.

الثاني: أدبر عن الإيمان وتولى إلى الكفر، قاله مقاتل.

الثالث: أدبر عن أمر اللَّه وتولى عن كتاب اللَّه، قاله قتادة.

الرابع: أدبر عن القبول وتولى عن العمل.

{ وجَمَع فأوْعَى } يعني الذي أدبر وتولى جمع المال فأوعى، بأن جعله في وعاء حفظاً له ومنعاً لحق اللَّه منه، قال قتادة: فكان جموعاً منوعاً.