{ يومَ تكونُ السّماءُ كالمُهْلِ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: كدرديّ الزيت، قاله ابن عباس. الثاني: كمذاب الرصاص والنحاس والفضلة، قاله ابن مسعود. الثالث: كقيح من دم، قاله مجاهد. { وتكونُ الجبالُ كالعِهْنِ } يعني كالصوف المصبوغ، والمعنى أنها تلين بعد الشدة، وتتفرق بعد الاجتماع. { يُبْصّرُونَهم } فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه يبصر بعضهم بعضاً فيتعارفون، قاله قتادة. الثاني: أن المؤمنين يبصرون الكافرين، قاله مجاهد. الثالث: أن الكافرين يبصرون الذين أضلوهم في النار، قاله ابن زيد. الرابع: أنه يبصر المظلوم ظالمه، والمقتول قاتله. { يَوَدّ المجْرِمُ } فيه وجهان: أحدهما: يحب. الثاني: يتمنى، والمجرم هو الكافر. { لو يَفْتَدِي مِن عَذابِ يومِئذ } يعني يفتدي من عذاب جهنم بأعز من كان عليه في الدنيا من أقاربه، فلا يقدر. ثم ذكرهم فقال: { ببنيه }. { وصاحبته } يعني زوجته: { وأخيه }. { وفصيلته } فيه وجهان: أحدهما: عشيرته التي تنصره، قاله ابن زيد. الثاني: أنها أمه التي تربيه، قاله مالك، وقال أبو عبيدة: الفصيلة دون القبيلة. { التي تؤويه } فيه وجهان: أحدهما: التي يأوي إليها في نسبه، قاله الضحاك. الثاني: يأوي إليها في خوفه. { كلا إنها لَظَى } فيه وجهان: أحدهما: أنها اسم من أسماء جهنم، سميت بذلك لأنها التي تتلظى، وهو اشتداد حرها. الثاني: أنه اسم الدرك الثامن في جهنم، قاله الضحاك. { نَزّاعة للشّوَى } فيه خمسة تأويلات: أحدها: أنها أطراف اليدين والرجلين، قاله أبو صالح، قال الشاعر:
إذا نَظَرْتَ عَرَفْت الفخر منها
وعَيْنيها ولم تعْرِفْ شَواها.
الثاني: قال الضحاك: هي جهنم تفري اللحم والجلد عن العظم، وقال مجاهد: جلدة الرأس ومنه قول الأعشى:
قالت قُتَيْلَةُ ما لَه
قد جُلِّلَتْ شيْباً شَواتهُ.
الثالث: أنه العصب والعقب، قاله ابن جبير. الرابع: أنه مكارم وجهه، قاله الحسن. الخامس: أنه اللحم والجلد الذي على العظم،لأن النار تشويه، قاله الضحاك. { تَدْعو مَنْ أَدْبَرَ وتَوَلّى } وفي دعائها ثلاثة أوجه: أحدها: أنها تدعوهم بأسمائهم فتقول للكافر: يا كافر إليّ، وللمنافق: يا منافق إليّ، قاله الفراء. الثاني: أن مصير من أدبر وتولى إليها، فكأنها الداعية لهم، ومثله قول الشاعر:
ولقد هَبَطْنا الوادِيَيْن فوادياً
يَدْعو الأنيسَ به العَضيضُ الأبكمُ.
العضيض الأبكم: الذباب، وهو لا يدعو وإنما طنينه ينبه عليه، فدعا إليه. الثالث: الداعي خزنة جهنم أضيف دعاؤهم إليها، لأنهم يدعون إليها. وفي ما { أدبر وتولى } عنه أربعة أوجه: أحدها: أدبر عن الطاعة وتولى عن الحق، قاله مجاهد. الثاني: أدبر عن الإيمان وتولى إلى الكفر، قاله مقاتل. الثالث: أدبر عن أمر اللَّه وتولى عن كتاب اللَّه، قاله قتادة. الرابع: أدبر عن القبول وتولى عن العمل. { وجَمَع فأوْعَى } يعني الذي أدبر وتولى جمع المال فأوعى، بأن جعله في وعاء حفظاً له ومنعاً لحق اللَّه منه، قال قتادة: فكان جموعاً منوعاً.