الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } * { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوْاْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }

قوله عز وجل: { وَمَآ أرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِّيٍ إلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَها بِالبَأْسآءِ وَالضَّرَّآءِ } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: أن البأساء: القحط، والضراء: الأمراض والشدائد، قاله الحسن.

والثاني: أن البأساء الجوع، والضراء: الفقر، قاله ابن عباس.

والثالث: أن البأساء: البلاء، والضراء الزمانة.

والرابع: أن البأساء: ما نالهم من الشدة في أنفسهم.

والضراء: ما نالهم في أموالهم، حكاه علي بن عيسى.

ويحتمل قولاً خامساً: أن البأساء الحروب.

{ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } فيه وجهان:

أحدهما: يتوبون.

الثاني: يدعون، قاله ابن عباس.

قوله عز وجل: { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ } فيه وجهان:

أحدهما: مكان الشدة الرخاء، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد.

والثاني: مكان الخير والشر.

{ حَتَّى عَفَواْ } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: حتى كثروا، قاله ابن عباس، ومجاهد، والسدي، قال لبيد:

وَأنَاسٌ بَعْدَ قَتْلٍ قَدْ عَفَواْ   وَكَثِيرٌ زَالَ عَنْهُمْ فَانْتَقَلْ
والثاني: حتى أعرضواْ، قاله ابن بحر.

والثالث: حتى سُرّوا، قاله قتادة.

والرابع: حتى سمنوا، قاله الحسن، ومنه قول بشر بن أبي حازم:

فَلَمَّا أَنْ عَفَا وَأَصَابَ مَالاً   تَسَمَّنَ مَعْرِضاً فِيهِ ازْوِرَارُ
{ وَّقَالُوْا قَدْ مَسَّ ءَابَاءَنَا الضَّرَّاءُ والسَّرَّآءُ } أي الشدة والرخاء يعنون ليس البأساء والضراء عقوبة على تكذيبك وإنما هي عادة الله في خلقه أن بعد كل خصب جدباً وبعد كل جدب خصباً.