الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤمۤصۤ } * { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }

قوله عز وجل: { المص } فيه لأهل التأويل تسعة أقاويل:

أحدها: معناه: أنا الله أُفَضِّل، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير.

والثاني: أنه [حرف] هجاء [من] المصور، قاله السدي.

والثالث: أنه اسم السورة من أسماء القرآن، قاله قتادة.

والرابع: أنه اسم السورة مفتاح لها، قاله الحسن.

والخامس: أنه اختصار من كلام يفهمه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.

والسادس: هي حروف هجاء مقطعة نبه بها على إعجاز القرآن.

والسابع: هي من حساب الجمل المعدود استأثر الله بعلمه.

والثامن: هي حروف تحوي معاني كثيرة دل الله تعالى خلقه بها على مراده من كل ذلك.

والتاسع: هي حروف اسم الله الأعظم.

ويحتمل عندي قولاً عاشراً: أن يكون المراد به: المصير إلى كتاب أنزل إليك من ربك، فحذف باقي الكلمة ترخيماً وعبر عنه بحروف الهجاء لأنها تذهب بالسامع كل مذهب، وللعرب في الاقتصار على الحروف مذهب كما قال الشاعر:

قلت لها قفي فقالت قاف   .....................................................
أي وقفت.

قوله عز وجل { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ } يعني القرآن.

{ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ } وفي الحرج ها هنا ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه الضيق، قاله الحسن، وهو أصله.

قال الشماخ بن ضرار:

ولو ردت المعروف عندي رددتها   لحاجة لا العالي ولا المتحرج
ويكون معناه: فلا يضيق صدرك خوفاً ألا تقوم بحقه.

والثاني: أن الحرج هنا الشك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي. قال الراجز:

آليت لولا حرج يعروني   ما جئت أغزوك ولا تغزوني
ومعناه: فلا تشك فيما يلزمك فيه فإنما أنزل إليك لتنذر به.

والثالث: فلا يضيق صدرك بأن يكذبوك، قاله الفراء.

ثم قال: { لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } فجعله إنذاراً للكافرين وذكرى للمؤمنين ليعود نفعه على الفريقين.