قوله عز وجل: { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ } وفي هذا الذكر ثلاثة أوجه: أحدها: أنه ذكر القرءاة في الصلاة خلف الإمام سراً في نفسه قاله قتادة. والثاني: أنه ذكر بالقلب باستدامة الفكر حتى لا ينسى نعم الله الموجبة لطاعته. والثالث: ذكره باللسان إما رغبة إليه في دعائه أو تعظيماً له بالآية. وفي المخاطب بهذا الذكر قولان: أحدهما: أنه المستمع للقرآن إما في الصلاة أو الخطبة، قاله ابن زيد. والثاني: أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ومعناه عام في جميع المكلفين. ثم قال: { تَضَرُّعاً وَخِيفَةً } أما التضرع فهو التواضع والخشوع، وأما الخيفة فمعناه مخافة منه. { وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ } يعني أسرَّ القول إما بالقلب أو باللسان على ما تقدم من التأويلين. ثم قال تعالى: { بالْغُدُوِّ وَالأَصْالِ } فيه وجهان: أحدهما: بالبكر والعشيات. والثاني: أن الغدو آخر الفجر صلاة الصبح، والآصال آخر العشي صلاة العصر، قاله مجاهد، ونحوه عن قتادة. { وَلاَ تَكُنِ مِّنَ الْغَافِلِينَ } يحتمل وجهين: أحدهما: عن الذكر. والثاني: عن طاعته في كل أوامره ونواهيه، قاله الجمهور. { وَيُسَبِّحُونَهُ وََلَهُ يَسْجُدُونَ } وهذا أول سجدات التلاوة في القرآن. وسبب نزولها ما قاله كفار مكة{ وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً } [الفرقان: 60]. فأنزل الله تعالى هذه الآية وأعلمهم أن الملائكة المقربين إذا كانوا على هذه الحال في الخضوع والرغبة فأنتم بذلك أولى والله أعلم بالصواب.