الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }

قوله عز وجل: { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ } وفي هذا الذكر ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه ذكر القرءاة في الصلاة خلف الإمام سراً في نفسه قاله قتادة.

والثاني: أنه ذكر بالقلب باستدامة الفكر حتى لا ينسى نعم الله الموجبة لطاعته.

والثالث: ذكره باللسان إما رغبة إليه في دعائه أو تعظيماً له بالآية. وفي المخاطب بهذا الذكر قولان:

أحدهما: أنه المستمع للقرآن إما في الصلاة أو الخطبة، قاله ابن زيد.

والثاني: أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ومعناه عام في جميع المكلفين.

ثم قال: { تَضَرُّعاً وَخِيفَةً } أما التضرع فهو التواضع والخشوع، وأما الخيفة فمعناه مخافة منه.

{ وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ } يعني أسرَّ القول إما بالقلب أو باللسان على ما تقدم من التأويلين.

ثم قال تعالى: { بالْغُدُوِّ وَالأَصْالِ } فيه وجهان:

أحدهما: بالبكر والعشيات.

والثاني: أن الغدو آخر الفجر صلاة الصبح، والآصال آخر العشي صلاة العصر، قاله مجاهد، ونحوه عن قتادة.

{ وَلاَ تَكُنِ مِّنَ الْغَافِلِينَ } يحتمل وجهين:

أحدهما: عن الذكر.

والثاني: عن طاعته في كل أوامره ونواهيه، قاله الجمهور.

{ وَيُسَبِّحُونَهُ وََلَهُ يَسْجُدُونَ } وهذا أول سجدات التلاوة في القرآن.

وسبب نزولها ما قاله كفار مكةوَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً } [الفرقان: 60].

فأنزل الله تعالى هذه الآية وأعلمهم أن الملائكة المقربين إذا كانوا على هذه الحال في الخضوع والرغبة فأنتم بذلك أولى والله أعلم بالصواب.