الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ }

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ خَلَقنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } فيه لأهل التأويل أربعة أقاويل:

أحدها: ولقد خلقناكم في أصلاب الرجال ثم صورناكم في أرحام النساء، قاله عكرمة.

والثاني: ولقد خلقناكم يعني آدم ثم صورناكم في ظهره، قاله مجاهد.

والثالث: خلقناكم نطفاً في أصلاب الرجال وترائب النساء، ثم صورناكم عند اجتماع النطفتين في الأرحام، وهو معنى قول الكلبي.

والرابع: خلقناكم في بطون أمهاتكم، ثم صورناكم فيها بعد الخلق بشق السمع والبصر، قاله معمر.

{ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ } فإن قيل فالسجود عبادة لا تجوز إلا الله تعالى، فكيف أمر به لآدم عليه السلام؟ قيل: فيه لأهل العلم قولان:

أحدهما: أنه أمرهم بالسجود له تكرمة وهو لله تعالى عبادة.

والثاني: أنه جعله قبلة سجودهم لله تعالى.

فإن قيل: فالأمر بالسجود لآدم قبل تصوير ذريته، فكيف قال: { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ }؟

فعن ذلك ثلاثة أجوبة:

أحدها: أنه صورهم في صلب آدم ثم قال للملائكة: اسجدوا.

والثاني: معناه ثم صورناكم ثم أخبرناكم بِأَنَّا قلنا للملائكة: اسجدوا.

والثالث: اي في الكلام تقديماً وتأخيراً، وتقديره: ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ثم صورناكم.

وفيه جواب رابع أنكره بعض النحويين وهو: أن { ثُمَّ } هنا بمعنى الواو، قاله الأخفش.