الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ }

{ فأمّا مَنْ أُوتي كتابَه بيمينه } لأن إعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة.

{ فيقول هاؤم اقْرَؤوا كِتابيهْ } ثقة بسلامته وسروراً بنجاته، لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرج، والشمال من دلائل الغم، قال الشاعر:

أبيني أفي يُمْنَى يديكِ جَعَلْتِني   فأفرح أم صيرتني من شِمالِك
وفي قوله " هاؤمُ " ثلاثة أوجه:

أحدها: بمعنى هاكم اقرؤوا كتابيه فأبدلت الهمزة من الكاف، قاله ابن قتيبة.

الثاني: أنه بمعنى هلموا اقرؤوا كتابيه، قال الكسائي: العرب تقول للواحد هاءَ وللاثنين هاؤما وللثلاثة هاؤم.

الثالث: أنها كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح روي أن أعرابياً نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوت عالٍ فأجابه هاؤم بطول صوته.

والهاء من " كتابيه " ونظائرها موضوعة للمبالغة، وذكر الضحاك أنها نزلت في أبي سلمة بن عبد الأسد.

{ إني ظننتُ أني مُلاقٍ حِسابِيَهْ } فيه وجهان:

أحدهما: أي علمت، قال الضحاك: كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين، ومن الكافر فهو شك، وقال مجاهد: ظن الآخرة يقين، وظن الدنيا شك.

الثاني: ما قاله الحسن في هذه الآية، أن المؤمن أحْسن بربه الظن، فأحسن العمل، وأن المنافق أساء بربه الظن فأساء العمل.

وفي الحساب ها هنا وجهان:

أحدهما: في البعث.

الثاني: في الجزاء.

{ فهو في عِيشَةٍ راضيةٍ } بمعنى مَرْضيّة، قال أبو هريرة وأبو سعيد الخدري يرفعانه: إنهم يعيشون فلا يموتون أبداً، ويصحّون فلا يمرضون أبداً، ويتنعمون فلا يرون بؤساً أبداً، ويشبّون فلا يهرمون أبداً.

{ في جنة عالية } يحتمل وجهين:

أحدهما: رفيعة المكان.

الثاني: عظيمة في النفوس.

{ قطوفها دانيةٌ } يحتمل وجهين:

أحدهما: دانية من الأيدي يتناولها القائم والقاعد.

الثاني: دانية الإدراك لا يتأخر حملها ولا نضجها.