الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } * { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } * { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } * { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } * { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } * { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

قوله تعالى { ن } فيه ثمانية أقوال:

أحدها: أن النون الحوت الذي عليه الأرض، قاله ابن عباس من رواية أبي الضحى عنه، وقد رفعه.

الثاني: أن النون الدواة، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الثالث: أنه حرف من حروف الرحمن، قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه.

الرابع: هو لوح من نور، رواه معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الخامس: أنه اسم من أسماء السورة، وهو مأثور.

السادس: أنه قسم أقسم اللَّه به، وللَّه تعالى أن يقسم بما يشاء، قاله قتادة.

السابع: أنه حرف من حروف المعجم.

الثامن: أن نون بالفارسية أيذون كن، قاله الضحاك.

ويحتمل تاسعاً: إن لم يثبت به نقل أن يكون معناه: تكوين الأفعال والقلم وما يسطرون، فنزل الأقوال جميعاً في قسمه بين أفعاله وأقواله، وهذا أعم قسمة.

ويحتمل عاشراً: أن يريد بالنون النفْس لأن الخطاب متوجه إليها بغيرعينها بأول حروفها، والمراد بالقلم ما قدره اللَّه لها وعليها من سعادة وشقاء، لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ.

أما { والقلم } ففيه وجهان:

أحدهما: أنه القلم الذي يكتبون به لأنه نعمة عليهم ومنفعة لهم، فأقسم بما أنعم، قاله ابن بحر.

الثاني: أنه القلم الذي يكتب به الذكر على اللوح المحفوظ، قال ابن جريج:

هو من نور، طوله كما بين السماء والأرض.

وفي قوله { وما يَسْطرون } ثلاثة أقاويل:

أحدها: وما يعلمون، قاله ابن عباس.

الثاني: وما يكتبون، يعني من الذكر، قاله مجاهد والسدي.

الثالث: أنهم الملائكة الكاتبون يكتبون أعمال الناس من خير وشر.

{ ما أنت بنعمةِ ربّك بمجنونٍ } كان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم أنه مجنون به شيطان، وهو قولهم:يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } [الحجر:6] فأنزل اللَّه تعالى رداً عليها وتكذيباً لقولهم: { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } أي برحمة ربك، والنعمة ها هنا الرحمة.

ويحتمل ثانياً: أن النعمة ها هنا قسم، وتقديره: ما أنت ونعمة ربك بمجنون، لأن الواو والباء من حروف القسم.

وتأوله الكلبي على غير ظاهره، فقال: معناه ما أنت بنعمة ربك بمخفق.

{ وإنّ لك لأجْراً غيْرَ مَمْنُونٍ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: غير محسوب، قاله مجاهد.

الثاني: أجراً بغير عمل، قاله الضحاك.

الثالث: غير ممنون عليك من الأذى، قاله الحسن.

الرابع: غير منقطع، ومنه قول الشاعر:

ألا تكون كإسماعيلَ إنَّ له   رأياً أصيلاً وأجْراً غيرَ ممنون
ويحتمل خامساً: غير مقدّر وهو الفضل، لأن الجزاء مقدر، والفضل غير مقدر.

{ وإنك لعلى خُلُقٍ عظيمٍ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أدب القرآن، قاله عطية.

السابقالتالي
2