الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } * { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } * { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } * { فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ } * { أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } * { فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } * { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } * { وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } * { عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ } * { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

{ إنا بَلَوناهم كما بَلَوْنا أَصْحابَ الجَنَّةِ } فيهم قولان:

أحدهما: إن الذين بلوناهم أهل مكة بلوناهم بالجوع كرتين، كما بلونا أصحاب الجنة حتى عادت رماداً.

الثاني: أنهم قريش ببدر.

حكى ابن جريج أن أبا جهل قال يوم بدر خذوهم أخذاً واربطوهم في الحبال، ولا تقتلوا منهم أحداً، فضرب اللَّه بهم عند العدو مثلاً بأصحاب الجنة.

{ إذ أَقْسموا لَيَصرِمُنّها مُصْبِحينَ } قيل إن هذه الجنة حديقة كانت باليمن بقرية يقال لها ضَروان، بينها وبين صنعاء اليمن اثنا عشر ميلاً، وفيها قولان:

أحدهما: أنها كانت لقوم من الحبشة.

الثاني: قاله قتادة أنها كانت لشيخ من بني إسرائيل له بنون، فكان يمسك منها قدر كفايته وكفاية أهله، ويتصدق بالباقي، فجعل بنوه يلومونه ويقولون: لئن ولينا لنفعلن، وهو لا يطيعهم حتى مات فورثوها، فقالوا: نحن أحوج بكثرة عيالنا من الفقراء والمساكين " فأقسموا ليصرُمنّها مصبحين " أي حلفوا أن يقطعوا ثمرها حين يصبحون.

{ ولا يَسْتَثْنونَ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: لا يستثنون من المساكين، قاله عكرمة.

الثاني: استثناؤهم قول سبحان ربنا، قاله أبو صالح.

الثالث: قول إن شاء اللَّه.

{ فطاف عليها طائفٌ مِن ربِّك وهم نائمونَ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أمر من ربك، قاله ابن عباس.

الثاني: عذاب من ربك، قاله قتادة.

الثالث: أنه عنق من النار خرج من وادي جنتهم، قاله ابن جريج.

{ وهم نائمون } أي ليلاً وقت النوم، قال الفراء: الطائف لا يكون إلا ليلاً.

{ فأصبحت كالصَريم } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: كالرماد الأسود، قاله ابن عباس.

الثاني: كالليل المظلم، قاله الفراء، قال الشاعر:

تطاولَ ليلُكَ الجَوْنُ البهيمُ   فما ينجاب عن صبحٍ، صَريمُ
الثالث: كالمصروم الذي لم يبق فيه ثمر.

روى أسباط عن ابن مسعود أنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: " أياكم والمعاصي، إن العبد ليذنب فيحرم به رزقاً قد كان هيىء له " ، ثم تلا: { فطاف عليها طائف من ربك... } الآيتين قد حرموا خير جنتهم بذنبهم.

{ فتنادَوْا مُصبِحينَ } أي دعا بعضعهم بعضاً عند الصبح.

{ أنِ اغْدُوا على حَرْثِكم } قال مجاهد: كان الحرث عنباً.

{ إن كنتم صارمين } أي عازمين على صرم حرثكم في هذا اليوم.

{ فانْطَلَقُوا وهم يتخافتونَ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: يتكلمون، قاله عكرمة.

الثاني: يخفون كلامهم ويسرونه لئلا يعلم بهم أحد، قاله عطاء وقتادة.

الثالث: يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يروهم.

الرابع: لا يتشاورون بينهم.

{ أن لا يدخُلَنّها اليومَ عليكم مِسكين } قاله يحيى بن سلام.

{ وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادرين } فيه تسعة أوجه:

أحدها: على غيظ، قاله عكرمة.

السابقالتالي
2