قوله تعالى: { قَلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا } يعني الأصنام، وفي دعائها في هذا الموضع تأويلان: أحدهما: عبادتها. والثاني: طلب النجاح منها. فإن قيل: فكيف قال ولا يضرنا؟ ودعاؤها لما يستحق عليه من العقاب ضارٌّ؟ قيل: معناه ما لا يملك لنا ضراً ولا نفعاً. { وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ } بالإِسلام. { كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأرْضِ... } فيه قولان: أحدهما: أنه استدعاؤها إلى قصدها واتباعها، كقوله تعالى:{ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيهِم } [إبراهيم: 37] أي تقصدهم وتتبعهم. والثاني: أنها أَمْرُهَا بالهوى. وحكى أبو صالح عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وامرأته حين دعَوا ابنهما عبد الرحمن إلى الإِسلام والهدى أن يأتيهما. قوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ } في الحق الذي خلق به السموات والأرض أربعة أقاويل: أحدها: أنه الحكمة. والثاني: الإِحسان إلى العباد. والثالث: نفس خلقها فإنه حق. والرابع: يعني بكلمة الحق. { وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ } فيه قولان: أحدهما: أن يقول ليوم القيامة: كن فيكون، لا يثنِّي إليه القول مرة بعد أخرى، قاله مقاتل. والثاني: أنه يقول للسموات كوني صوراً يُنْفَخ فيه لقيام الساعة، فتكون صوراً مثل القرآن، وتبدل سماءً أخرى، قاله الكلبي. وفي قوله تعالى: {...وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ } قولان: أحدهما: أن الصور قرن ينفخ فيه النفخة الأولى للفناء، والثانية للإِنشاء علامة للانتهاء والابتداء، وهو معنى قوله تعالى:{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } [الزمر: 68]. والثاني: أن الصور جمع صورة تنفخ فيها روحها فتحيا. ثم قال تعالى: { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ... } فيه قولان: أحدهما: أنه عائد إلى خلق السموات والأرض، والغيب ما يغيب عنكم، والشهادة ما تشاهدون. والثاني: أنه عائد إلى نفخ الصور هو عالم الغيب والشهادة المتولي للنفخة.