الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

قوله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمُ وَكَانُواْ شِيَعاً } فيهم أربعة أقاويل:

أحدها: أنهم اليهود خاصة، قاله مجاهد.

والثاني: اليهود والنصارى، قاله قتادة.

والثالث: أنهم جميع المشركين، قاله الحسن.

والرابع: أهل الضلالة من هذه الأمة، قاله أبو هريرة.

وفي تفريقهم الذي فرقوه قولان:

أحدهما: أنه الدين الذي أمر الله به، فرقوه لاختلافهم فيه باتباع الشبهات.

والثاني: أنه الكفر الذي كانوا يعتقدونه ديناً لهم.

ومعنى قوله: { وَكَانُواْ شيَعاً } يعني فرقاً.

ويحتمل وجهاً آخر: أن يكون الشيع المتفقين على مشايعة بعضهم لبعض، وهو الأشبه، لأنهم يتمالأون على أمر واحد مع اختلافهم في غيره.

وفي أصله وجهان:

أحدهما: أصله الظهور، من قولهم شاع الخبر إذا ظهر.

والثاني: أصله الاتباع، من قولهم شايعه على الأمر إذا اتبعه، قاله الزجاج.

ثم قال تعالى: { لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } فيه قولان:

أحدهما: لست من قتالهم في شيء، ثم نسخها بسورة التوبة، قاله الكلبي.

والثاني: لست من مخالطتهم في شيء، نَهْيٌ لنبيه صلى الله عليه وسلم عن مقاربتهم، وأمر له بمباعدتهم، قاله قتادة، كما قال النابغة:

إذا حاولت في أسد فجوراً   فإني لست منك ولست مني.