قوله عز وجل: { وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } هذا التحريم على الذين هادوا إنما هو تكليف بلوى وعقوبة، فأول ما ذكره من المحرمات عليهم { كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } وفيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه ما ليس منفرج الأصابع كالإبل والنعام والأوز والبط، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والسدي. والثاني: أنه عنى أنواع السباع كلها. والثالث: أنه كل ذي مخلب من الطير، وكل ذي حافر من الدواب. ثم قال: { وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها شحوم الثّرْب خاصة، قاله قتادة. والثاني: أنه كل شحم لم يكن مختلطاً بعظم ولا على عظم، قاله ابن جريج. والثالث: أنه شحم الثرب والكلى، قاله السدي وابن زيد. ثم قال: { إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } يعني شحم الجنب وما علق بالظهر فإنه لم يحرم عليهم. ثم قال: { أَوْ الْحَوَايَآ } وفيها أربعة تأويلات: أحدها: أنها المباعر، قاله ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد، والسدي. والثاني: أنها بنات اللبن، قاله عبد الرحمن بن زيد. والثالث: أنها الأمعاء التي عليها الشحم من داخلها، قاله بعض المتأخرين. والرابع: أنها كل ما تحوّى في البطن واجتمع واستدار، قاله علي بن عيسى. { أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } فيه قولان: أحدهما: أنه شحم الجنب. والثاني: أنه شحم الجنب والأليه، لأنه على العصعص، قاله ابن جريج، والسدي. { ذَالِكَ جَزَيْنَاهُم ببَغْيِهِمْ } يحتمل وجهين: أحدهما: ببغيهم على موسى عليه السلام فيما اقترحوه وعلى ما خالفوه. والثاني: ببغيهم على أنفسهم في الحلال الذي حرموه. { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } فيما حكاه عنهم وحرمه عليهم.