الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } * { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ }

قوله تعالى: { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي الَّيْلِ وَالنَّهَارِ } من أجسام الحيوان، لأن من الحيوان ما يسكن ليلاً، ومنه ما يسكن نهاراً.

فإن قيل: فلم قال { مَا سَكَنَ } ولم يقل ما تحرك؟ قيل لأمرين:

أحدهما: أن ما يَعُمُّه السكون أكثر مما يَعُمُّه الحركة.

والثاني: لأن كل متحرك لا بد أن تنحل حركته سكوناً، فصار كل متحرك ساكناً، وقد قال الكلبي: معناه وله ما استقر في الليل والنهار، وهما الزمان كله، لأنه لا زمان إلا ليل أو نهار، ولا فصل بينهما يخرج عن واحد منهما.

قوله عز وجل: { قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيَّاً } يعني إلهاً يَتَولاَّنِي.

{ فَاطِر السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ } أي خالق السموات والأرض ومبتدئها، قال ابن عباس: كنت لا أدري ما فاطر حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر، فقال أحدهما لصاحبه: أنا فَطَرْتُهَا، أي ابتدأتها، وأصل الفطر الشق، ومنههَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ } [الملك: 3] أي شقوق.

{ وَهُوَ يَطْعمُ وَلاَ يُطْعَمُ } معناه يَرْزُقُ ولا يُرْزَق، قرأ بعضهم { وَهُوَ يُطْعِمُ ولا يَطْعَمُ } معناه على هذه القراءة: وهو يطعم خلقه ولا يأكل.

{ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } يعني من أمته، وفي إسلامه هذا ثلاثة أوجه:

أحدها: استسلامه لأمر الله، ومثله قول الشاعر:

طال النهار على من لقاح له   إلا الهديّة أو ترك بإسلام
أي باستسلام.

والثاني: هو دخوله في سِلْمِ الله وخروجه من عداوته.

والثالث: دخوله في دين إبراهيم كقوله تعالى:مِلَّهَ ءَابِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } [الحج: 78] ويكون المراد به أول من أَسْلَم من قريش، وقيل: من أهل مكة.

{ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } يحتمل أن يكون هذا خطاباً من الله لنبيه يَنْهَاهُ به عن الشرك، ويُحْتَمَل أن يكون المراد به جميع أمته، وإن توجه الخطاب إليه.