الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }

قوله عز وجل: { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً }..

{ مِمَّا ذَرَأَ } مما خلق، مأخوذ من الظهور، ومنه قيل ملح ذُرْ أي لبياضه، وقيل لظهور الشيب ذُرْأَة، والحرث: الزرع، والأنعام: الإبل والبقر والغنم، مأخوذ من نعمة الوطء.

وهذا إخبار منه عن كفار قريش ومن تابعهم من مشركي العرب، كانوا يجعلون لله في زروعهم ومواشيهم نصيباً، ولأوثانهم وأصنامهم نصيباً، فجعل الله أوثانهم شركاءهم؛ لأنهم قد أشركوهم في أموالهم بالنصيب الذي قد جعلوه فيها لهم، ونصيبهم في الزرع جزء منها يجعلونه مصروفاً في النفقة عليها وعلى خدامها.

وفي نصيبهم من الأنعام ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه كنصيبهم من الزرع مصروف في النفقة عليها وعلى خدامها.

والثاني: أنه قربان لأوثانهم كانوا يتقربون به إليها.

والثالث: أنه البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام.

ثم قال تعالى: { فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِم فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ } فاختلف أهل التأويل في المراد بذلك على أربعة أوجه:

أحدها: أنه كان إذا اختلط بأموالهم شيء مما جعلوه لأوثانهم، ردوه، وإذا اختلط بها ما جعلوه لله لم يردوه، قاله ابن عباس، وقتادة.

والثاني: أنه كان إذا هلك ما لأوثانهم غرموه، وإذا هلك ما لله لم يغرموه، قاله الحسن، والسدي.

والثالث: أنهم كانوا يصرفون بعض ما جعلوه لله في النفقة على أوثانهم ولا يفعلون مثل ذلك فيما جعلوه لأوثانهم، قاله بعض المتأخرين.

والرابع: أن كل شيء جعلوه لله من ذبائحهم لم يأكلوه حتى يذكروا عليه اسم أوثانهم، ولا يذكرون اسم الله فيما جعلوه لأوثانهم، قاله ابن زيد.