الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } * { وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

قوله عز وجل: { وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يتلو بعضها بعضاً فلا ينقطع التنزيل.

والثاني: أن الآية تنصرف في معان متغايرة مبالغة في الإِعجاز ومباينة لكلام البشر.

والثالث: أنه اختلاف ما تضمنها من الوعد والوعيد والأمر والنهي، ليكون أبلغ في الزجر، وأدعى إلى الإِجابة، وأجمع للمصلحة.

ثم قال تعالى: { وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ } وفي الكلام حذف، وتقديره: ولئلا يقولوا درست، فحذف ذلك إيجازاً كقوله تعالى:يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [النساء: 167] أي لئلا تضلوا.

وفي { دَرَسْتَ } خمس قراءات يختلف تأويلها بحسب اختلافها:

إحداهن: { َدَرَسْتَ } بمعنى قرأت وتعلمت، تقول ذلك قريش للنبي صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عباس، والضحاك، وهي قراءة حمزة، والكسائي.

والثانية: { دَارَسْتَ } بمعنى ذاكرت وقارأت، قاله مجاهد، وسعيد بن جبير، ومروي عن ابن عباس، وهي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو.

وفيها على هذه القراءة تأويل ثانٍ، أنها بمعنى خاصمت وجادلت.

والثالثة: { دَرَسَتْ } بتسكين التاء بمعنى انمحت وتقادمت، قاله ابن الزبير، والحسن، وهي قراءة ابن عامر.

والرابعة: { دُرِسَتْ } بضم الدال لما لم يسم فاعله تليت وقرئت، قاله قتادة.

والخامسة: { دَرَسَ } بمعنى قرأ النبي صلى الله عليه وسلم وتلا، وهذا حرف أبي بن كعب، وابن مسعود.

{ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْْلَمُونَ } يحتمل وجهين:

أحدهما: لقوم يعقلون.

والثاني: يعلمون وجوه البيان وإن لم يعلموا المبين.