الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

{ للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم } يعني بالمهاجرين من هاجر عن وطنه من المسليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار هجرته وهي المدينة خوفاً من أذى قومه ورغبة في نصرة نبيّه فهم المقدمون في الإسلام على جميع أهله.

{ يبتغون فضلاً من الله ورضواناً } يعني فضلاً من عطاء الله في الدنيا، ورضواناً من ثوابه في الآخرة.

ويحتمل وجهاً ثانياً: أن الفضل الكفاية، والرضوان القناعة.

وروى علي بن رباح اللخمي أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال: من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقة فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله تعالى جعلني خازناً وقاسماً، إني بادىء بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فمعطيهن، ثم بالمهاجرين الأولين أنا وأصحابي أخرجنا من مكة من ديارنا وأموالنا.

قال قتادة: لأنهم اختاروا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على ما كانت من شدة، حتى ذكر لنا أن الرجل كان يعصب على بطنه الحجر ليقيم صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ما له دثار غيرها.

{ والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم } ويكون على التقديم والتأخير ومعناه تبوءوا الدار من قبلهم والإيمان.

الثاني: أن الكلام على ظاهره ومعناه أنهم تبوءوا الدار والإيمان قبل الهجرة إليهم يعني بقبولهم ومواساتهم بأموالهم ومساكنهم.

{ يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا } فيه وجهان:

أحدهما: غيرة وحسداً على ما قدموا به من تفضيل وتقريب، وهو محتمل.

الثاني: يعني حسداً على ما خصوا به من مال الفيء وغيره فلا يحسدونهم عليه، قاله الحسن.

{ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } يعني يفضلونهم ويقدمونهم على أنفسهم ولو كان بهم فاقة وحاجة، ومنه قول الشاعر:

أما الربيع إذا تكون خصاصة   عاش السقيم به وأثرى المقتر
وفي إيثارهم وجهان:

أحدهما: أنهم آثروا على أنفسهم بما حصل من فيىء وغنيمة حتى قسمت في المهاجرين دونهم، قاله مجاهد، وابن حيان.

روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم على المهاجرين ما أفاء الله من النضير ونفل من قريظة على أن يرد المهاجرون على الأنصار ما كانوا أعطوهم من أموالهم فقالت الأنصار بل نقيم لهم من أموالنا ونؤثرهم بالفيء، فأنزل الله هذه الآية.

الثاني: أنهم آثروا المهاجرين بأموالهم وواسوهم بها.

روى ابن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: " إن إخوانكم تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم " فقالوا: أموالنا بينهم قطائع، فقال: " أو غير ذلك " ؟ فقالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ فقال:

السابقالتالي
2