{ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ } الآية. قال ابن عباس وأبو أمامة: يغشى الناس يوم القيامة ظلمة أظنها بعد فصل القضاء، ثم يعطون نوراً يمشون فيه. وفي النور قولان: أحدهما: يعطاه المؤمن بعد إيمانه دون الكافر. الثاني: يعطاه المؤمن والمنافق، ثم يسلب نور المنافق لنفاقه، قاله ابن عباس. فيقول المنافقون والمنافقات حين غشيتهم الظلمة. { لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } حين أعطوا النور الذي يمشون فيه: { انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } أي انتظروا، ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أبا هند فلا تعجل علينا
وأنظرنا نخبرك اليقينا
{ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً } فيه قولان: أحدهما: ارجعوا إلى الموضع الي أخذنا منه النور فالتمسوا منه نوراً. الثاني: ارجعو فاعملوا عملاً يجعل الله بين أيديكم نوراً. ويحتمل في قائل هذا القول وجهان: أحدهما: أن يقوله المؤمنون لهم. الثاني: أن تقوله الملائكة لهم. { فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه حائط بين الجنة والنار، قاله قتادة. الثاني: أنه حجاب في الأعراف، قاله مجاهد. الثالث: أنه سور المسجد الشرقي، [بيت المقدس] قاله عبد الله بن عمرو بن العاص. { بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبلِهِ الْعَذَابُ } فيه قولان: أحدهما: أن الرحمة التي في باطنه الجنة، والعذاب الذي في ظاهره جهنم، قاله الحسن. الثاني: أن الرحمة التي في باطنه: المسجد وما يليه، والعذاب الذي في ظاهره: وادي جهنم يعني بيت المقدس، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص. ويحتمل ثالثاً: أن الرحمة التي في باطنه نور المؤمنين، والعذاب الذي في ظاهره ظلمة المنافقين. وفيمن ضرب بينهم وبينه بهذا السور قولان: أحدهما: أنه ضرب بينهم وبين المؤمنين الذي التمسوا منهم نوراً، قاله الكلبي ومقاتل. الثاني: أنه ضرب بينهم وبين النور بهذا السور حتى لا يقدروا على التماس النور. { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } يعني نصلي مثلما تصلون، ونغزو مثلما تغزون، ونفعل مثلما تفعلون. { قَالُواْ بَلَى وَلَكِنَكُم فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: بالنفاق، قاله مجاهد. الثاني: بالمعاصي، قاله أبو سنان. الثالث: بالشهوات، رواه أبو نمير الهمداني. { وَتَرَبَّصْتُمْ } فيه تأويلان: أحدهما: بالحق وأهله، قاله قتادة. الثاني: وتربصتم بالتوبة، قاله أبو سنان. { وَارْتَبْتُمْ } يعني شككتم في أمر الله. { وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ } فيه أربعة أوجه: أحدها: خدع الشيطان، قاله قتادة. الثاني: الدنيا، قاله ابن عباس. الثالث: سيغفر لنا، قاله أبو سنان. الرابع: قولهم اليوم وغداً. { حَتَّى جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ } فيه قولان: أحدهما: الموت، قاله أبو سنان. الثاني: إلقاؤهم في النار، قاله قتادة. { وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُوْرُ } فيه وجهان: أحدهما: الشيطان، قاله عكرمة. الثاني: الدنيا، قاله الضحاك.