الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } * { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

{ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ } الآية. قال ابن عباس وأبو أمامة: يغشى الناس يوم القيامة ظلمة أظنها بعد فصل القضاء، ثم يعطون نوراً يمشون فيه.

وفي النور قولان:

أحدهما: يعطاه المؤمن بعد إيمانه دون الكافر.

الثاني: يعطاه المؤمن والمنافق، ثم يسلب نور المنافق لنفاقه، قاله ابن عباس.

فيقول المنافقون والمنافقات حين غشيتهم الظلمة.

{ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } حين أعطوا النور الذي يمشون فيه:

{ انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } أي انتظروا، ومنه قول عمرو بن كلثوم:

أبا هند فلا تعجل علينا   وأنظرنا نخبرك اليقينا
{ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً } فيه قولان:

أحدهما: ارجعوا إلى الموضع الي أخذنا منه النور فالتمسوا منه نوراً.

الثاني: ارجعو فاعملوا عملاً يجعل الله بين أيديكم نوراً.

ويحتمل في قائل هذا القول وجهان:

أحدهما: أن يقوله المؤمنون لهم.

الثاني: أن تقوله الملائكة لهم.

{ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه حائط بين الجنة والنار، قاله قتادة.

الثاني: أنه حجاب في الأعراف، قاله مجاهد.

الثالث: أنه سور المسجد الشرقي، [بيت المقدس] قاله عبد الله بن عمرو بن العاص.

{ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبلِهِ الْعَذَابُ } فيه قولان:

أحدهما: أن الرحمة التي في باطنه الجنة، والعذاب الذي في ظاهره جهنم، قاله الحسن.

الثاني: أن الرحمة التي في باطنه: المسجد وما يليه، والعذاب الذي في ظاهره: وادي جهنم يعني بيت المقدس، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص.

ويحتمل ثالثاً: أن الرحمة التي في باطنه نور المؤمنين، والعذاب الذي في ظاهره ظلمة المنافقين.

وفيمن ضرب بينهم وبينه بهذا السور قولان:

أحدهما: أنه ضرب بينهم وبين المؤمنين الذي التمسوا منهم نوراً، قاله الكلبي ومقاتل.

الثاني: أنه ضرب بينهم وبين النور بهذا السور حتى لا يقدروا على التماس النور.

{ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } يعني نصلي مثلما تصلون، ونغزو مثلما تغزون، ونفعل مثلما تفعلون.

{ قَالُواْ بَلَى وَلَكِنَكُم فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: بالنفاق، قاله مجاهد.

الثاني: بالمعاصي، قاله أبو سنان.

الثالث: بالشهوات، رواه أبو نمير الهمداني.

{ وَتَرَبَّصْتُمْ } فيه تأويلان:

أحدهما: بالحق وأهله، قاله قتادة.

الثاني: وتربصتم بالتوبة، قاله أبو سنان.

{ وَارْتَبْتُمْ } يعني شككتم في أمر الله.

{ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: خدع الشيطان، قاله قتادة.

الثاني: الدنيا، قاله ابن عباس.

الثالث: سيغفر لنا، قاله أبو سنان.

الرابع: قولهم اليوم وغداً.

{ حَتَّى جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ } فيه قولان:

أحدهما: الموت، قاله أبو سنان.

الثاني: إلقاؤهم في النار، قاله قتادة.

{ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُوْرُ } فيه وجهان:

أحدهما: الشيطان، قاله عكرمة.

الثاني: الدنيا، قاله الضحاك.