الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } * { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } * { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ } * { وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } * { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }

{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } روى إسماعيل بن زياد عن محمد بن عباد عن أبي هريرة أن مشركي قريش أتوا النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر، فنزلت.

{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } فيه وجهان:

أحدهما: على قدر ما أردنا من غير زيادة ولا نقصان، قاله ابن بحر.

الثاني: بحكم سابق وقضاء محتوم، ومنه قول الراجز:

وقدر المقدر الأقدارا.   
{ وَمَآ أَمْرُنْآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بَالْبَصَرِ } يعني أن ما أردناه من شيء أمرنا به مرة واحدة ولم نحتج فيه إلى ثانية، فيكون ذلك الشيء مع أمرنا به كلمح البصر في سرعته من غير إبطاء ولا تأخير.

{ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ } فيه وجهان:

أحدهما: أن المستطر المكتوب، قاله الحسن وعكرمة وابن زيد، لأنه مسطور.

الثاني: أنه المحفوظ، قاله قتادة.

{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن النهر أنهار الماء، والخمر، والعسل، واللبن، قاله ابن جريج.

الثاني: أن النهر الضياء والنور، ومنه النهار، قاله محمد بن إسحاق، ومنه قول الراجز:

لولا الثريدان هلكنا بالضمر   ثريد ليل وثريد بالنهر
الثالث: أنه سعة العيش وكثرة النعيم، ومنه اسم نهر الماء، قاله قطرب.

{ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِند مَلِيكٍ مّقْتَدِرِ } فيه وجهان:

أحدهما: مقعد حق لا لغو فيه ولا تأثيم.

الثاني: مقعد صدق لله وعد أولياءه به، والمليك والملك واحد، وهو الله كما قال ابن الزبعري:

يا رسول المليك إن لساني   راتق ما فتقت إذا أنابوا
ويحتمل ثالثاً: أن المليك مستحق الملك، والملك القائم بالملك والمقتدر بمعنى القادر.

ويحتمل وصف نفسه بالاقتدار ها هنا وجهين:

أحدهما: لتعظيم شأن من عنده من المتقين لأنهم عند المقتدر أعظم قدراً، وأعلى مجزاً.

الثاني: ليعلموا أنه قادر على حفظ ما أنعم به عليهم ودوامه لهم، والله أعلم.