{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ } يعني أكفاركم خير من كفار من تقدم من الأمم الذين أهلكوا بكفرهم. { أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي الزُّبُرِ } يعني في الكتب السالفة براءة من الله تعالى أنكم ليس تهلكون كما أهلكوا، ومنه قول الشاعر:
وترى منها رسوماً قد عفت
مثل خط اللام في وحي الزبر
{ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } يعني بالعدد والعدة، وقد كان من هلك قبلهم أكثر عدداً وأقوى يداً، ويحتمل انتصارهم وجهين: أحدهما: [لأنفسهم بالظهور]. الثاني: لآلهتهم بالعبادة. فرد الله عليهم فقال: { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيْوَلُّونَ الدُّبُرَ } يعني كفار قريش وذلك يوم بدر، وهذه معجزة أوعدهم الله بها فحققها، وفي ذلك يقول حسان:
ولقد وليتم الدبر لنا
حين سال الموت من رأس الجبل
{ بَلِ الْسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } يعني القيامة. { وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } يحتمل وجهين: أحدهما: أن موقف الساعة أدهى وأمر من موقف الدنيا في الحرب التي تولون فيها الدبر. الثاني: أن عذاب الساعة أدهى وأمر من عذاب السيف في الدنيا. وفي قوله { أدْهَى } وجهان: أحدهما: أخبث. الثاني: أعظم. { وَأَمَرُّ } فيه وجهان: أحدهما: معناه أشد لأن المرارة أشد الطعوم. الثاني: معناه أنفذ، مأخوذ من نفوذ المرارة فيما خالطته.