الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } * { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } * { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } * { وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } * { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } * { وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }

{ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } فيه وجهان:

أحدهما: أن المنهمر الكثير، قاله السدي، قال الشاعر:

أعيني جودا بالدموع الهوامر   على خير باد من معد وحاضر
الثاني: أنه المنصب المتدفق، قاله المبرد، ومنه قول امرىء القيس:

راح تمرية الصبا ثم انتحى   فيه شؤبوب جنوب منهمر
وفي فتح أبواب السماء قولان:

أحدهما: أنه فتح رتاجها وسعة مسالكها.

الثاني: أنها المجرة وهي شرج السماء ومنها فتحت بماء منهمر، قاله علي.

{ فَالْتَقَى الْمَآءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } فيه وجهان:

أحدهما: فالتقى ماء السماء وماء الأرض على مقدار لم يزد أحدهما على الآخر، حكاه، ابن قتيبة.

الثاني: قدر بمعنى قضي عليهم، قاله قتادة، وقدر لهم إذا كفروا أن يغرقوا.

{ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحِ وَدُسُرٍ } أي السفينة، وفي الدسر أربعة أقاويل:

أحدها: المعاريض التي يشد بها عرض السفينة، قاله مجاهد.

الثاني: أنها المسامير دسرت بها السفينة، أي شدت، قاله ابن جبير وابن زيد.

الثالث: صدر السفينة الذي يضرب الموج، قاله عكرمة، لأنها تدسر الماء بصدرها، أي تدفعه.

الرابع: أنها طرفاها، وأصلها، قاله الضحاك.

{ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } فيه أربعة أوجه:

أحدها: بمرأى منا.

الثاني: بأمرنا، قاله الضحاك.

الثالث: بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها.

الرابع: بأعين الماء التي أتبعناها في قوله: { وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُوناً } ، وقيل: إنها تجري بين ماء الأرض والسماء، وقد كان غطاها عن أمر الله سبحانه.

{ جَزَآءً لِمَن كَانَ كُفِرَ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: لكفرهم بالله، قاله مجاهد، وابن زيد.

والثاني: جزاء لتكذيبهم، قاله السدي.

الثالث: مكافأة لنوح حين كفره قومه أن حمل ذات ألواح ودسر.

{ وَلَقَدْ تّرَكْنَاهَآ ءَايَةً } فيها وجهان:

أحدها: الغرق.

الثاني: السفينة روى سعيد عن قتادة أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة عبرة وآية حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة.

وفي قوله: { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } ثلاثة أقاويل:

أحدها: يعني فهل من متذكر، قاله ابن زيد.

الثاني: فهل من طالب خير فيعان عليه، قاله قتادة.

الثالث: فهل من مزدجر عن معاصي الله، قاله محمد بن كعب.

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: معناه سهلنا تلاوته على إهل كل لسان، وهذا أحد معجزاته، لأن الأعجمي قد يقرأه ويتلوه كالعربي.

الثاني: سهلنا علم ما فيه واستنباط معانيه، قاله مقاتل.

الثالث: هونا حفظه فأيسر كتاب يحفظ هو كتاب الله، قاله الفراء.