الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } * { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } * { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } * { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } * { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } * { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ }

{ عَلَّمَهُ شَدِيدٌ الْقُوَى } يعني: جبريل في قول الجميع.

{ ذو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى } فيه خمسة أوجه:

أحدها: ذو منظر حسن، قاله ابن عباس.

الثاني: ذو غناء، قاله الحسن.

الثالث: ذو قوة، قاله مجاهد وقتادة، ومن قول خفاف بن ندبة:

إني امرؤ ذو مرة فاستبقني   فيما ينوب من الخطوب صليب
الرابع: ذو صحة في الجسم وسلامة من الآفات، ومن قول امرىء القيس:

كنت فيهم أبداً ذا حيلة   محكم المرة مأمون العقد
الخامس: ذو عقل، قاله ابن الأنباري، قال الشاعر:

قد كنت عند لقاكم ذا مرة   عندي لكل مخاصم ميزانه
وفي قوله { فَاسْتَوَى } خمسة أوجه:

أحدها: فاستوى جبريل في مكانه، قاله سعيد بن جبير.

الثاني: قام جبريل على صورته التي خلق عليها لأنه كان يظهر له قبل ذلك في صورة لا رجل. حكى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير جبريل على صورته إلا مرتين: أما واحدة، فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق. وأما الثانية، فإنه كان معه حين صعد، وذلك قوله { وَهُوَ بِاْلأُفُقِ الأَعْلَى }.

الثالث: فاستوى القرآن في صدره، وفيه على هذا وجهان:

أحدهما: فاعتدل في قوته.

الثاني: في رسالته.

الرابع: يعني: فارتفع، وفيه على هذا وجهان:

أحدهما: أنه جبريل ارتفع إلى مكانه.

الثاني: أنه النبي صلى الله عليه وسلم، ارتفع بالمعراج.

{ وَهُوَ بِلأُفُقِ الأَعْلَى } فيه قولان:

أحدهما: أنه جبريل حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم بالأفق الأعلى، قاله السدي.

الثاني: أنه النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل بالأفق الأعلى، قاله عكرمة. وفي الأفق الأعلى ثلاثة أقاويل:

أحدها: هو مطلع الشمس، قاله مجاهد.

الثاني: هو الأفق الذي يأتي منه النهار، قاله قتادة، يعني طلوع الفجر.

الثالث: هو أفق السماء وهو جانب من جوانبها، قاله ابن زيد، ومنه قول الشاعر:

أخذنا بآفاق السماء عليكم   لنا قمراها والنجوم والطوالع
{ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى } فيه قولان:

أحدهما: أنه جبريل، قاله قتادة.

الثاني: أنه الرب، قاله ابن عباس.

وقوله { فَتَدَلَّى } فيه وجهان:

أحدهما: تعلق فيما بين والسفل لأنه رآه منتصباً مرتفعاً ثم رآه متدلياً، قاله ابن بحر.

الثاني: معناه قرب، ومنه قوله تعالى: { وَتُدلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ } أي تقربوها إليهم، وقال الشاعر:

أتيتك لا أدلي بقربى قريبة   إليك ولكني بجودك واثق
وقيل فيه تقديم وتأخير، وتقديره: ثم تدلى فدنا، قاله ابن الأنباري.

{ فَكَانَ قَابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنَى } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: قيد قوسين، قاله قتادة والحسن.

الثاني: أنه بحيث الوتر من القوس، قاله مجاهد.

الثالث: من مقبضها إلى طرفها، قاله عبد الحارث.

الرابع: قدر ذراعين، قاله السدي، فيكون القاب عبارة عن القدر، والقوس عبارة عن الذراع.

السابقالتالي
2 3