{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } فيه وجهان: أحدهما: فذكر بالقرآن، قاله قتادة. الثاني: فذكر بالعظة فإن الوعظ ينفع المؤمنين، قاله مجاهد. ويحتمل ثالثاً: وذكر بالثواب والعقاب فإن الرغبة والرهبة تنفع المؤمنين. { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِ وَالإِنسَ إلاَّ لَيَعْبُدُونِ } فيه خمسة تأويلات: أحدها: إلا ليقروا بالعبودية طوعاً أو كرهاً، قاله ابن عباس. الثاني: إلا لآمرهم وأنهاهم، قاله مجاهد. الثالث: إلا لأجبلهم على الشقاء والسعادة، قاله زيد بن أسلم. الرابع: إلا ليعرفوني، قاله الضحاك. الخامس: إلا للعبادة، وهو الظاهر، وبه قال الربيع بن انس. { مَآ أُرِيدُ مِنْهُمْ مَّنْ رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ما أريد أن يرزقوا عبادي ولا أن يطعموهم. الثاني: ما أنفسهم، قاله أبو الجوزاء. الثالث: ما أريد منهم معونة ولا فضلاً. { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ } فيه أربعة أوجه: أحدها: عذاباً مثل عذاب أصحابهم، قاله عطاء. الثاني: يعني سبيلاً، قاله مجاهد. الثالث: يعني بالذنوب الدلو، قاله ابن عباس، قال الشاعر:
لنا ذنوب ولكم ذنوب
فإن أبيتم فلنا القليب
ولا يسمى الذنوب دلواً حتى يكون فيه ماء. الرابع: يعني بالذنوب النصيب، قال الشاعر:
وفي كل يوم قد خبطت بنعمة
فحق لشاس من نداك ذنوب
ويعني بأصحابهم من كذب بالرسل من الأمم السالفة ليعتبروا بهلاكهم. { فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ } أي فلا يستعجلوا نزول العذاب بهم لأنهم قالوا: { يا مُحَمَّدُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } الآية، فنزل بهم يوم بدر، ما حقق الله وعده، وعجل به انتقامه.