الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } * { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }

قوله عز وجل: { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنَادِ } هذه الصيحة التي ينادي بها المنادي من مكان قريب هي النفخة الثانية التي للبعث إلى أرض المحشر.

ويحتمل وجهاً آخر، أنه نداؤه في المحشر للعرض والحساب.

وفي قوله: { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } وجهان:

أحدهما: أنه يسمعها كل قريب وبعيد، قاله ابن جريج.

الثاني: أن الصيحة من مكان قريب. قال قتادة: كنا نحدث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة وهي أوسط الأرض: يا أيتها العظام البالية، قومي لفصل القضاء وما أعد من الجزاء. وحدثنا، أن كعباً قال: هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً.

قوله عز وجل: { يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ } فيه وجهان:

أحدهما: يعني بقول الحق.

الثاني: بالبعث الذي هو حق.

{ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ } فيه وجهان:

أحدهما: الخروج من القبور.

الثاني: أن الخروج من أسماء القيامة. قال العجاج:

وليس يوم سمي الخروجا   أعظم يوم رجه رجوجا
قوله عز وجل: { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } يحتمل وجهين:

أحدهما: نحن أعلم بما يجيبونك من تصديق أو تكذيب.

الثاني: بما يسرونه من إيمان أو نفاق.

{ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: يعني برب، قاله الضحاك، لأن الجبار هو الله تعالى سلطانه.

الثاني: متجبر عليهم متسلط، قاله مجاهد. ولذلك قيل لكل متسلط جبار. قال الشاعر:

وكنا إذا الجبار صعر خده   أقمنا له من صعره فتقوما
وهو من صفات المخلوقين ذم.

الثالث: أنك لا تجبرهم على الإسلام من قولهم قد جبرته على الأمر إذا قهرته على أمر، قاله الكلبي.

{ فَذَكِّرْ بِالْقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } الوعيد العذاب، والوعد الثواب. قال الشاعر:

وإني وإن أوعدته أو وعدته   لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
قال قتادة: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعدك. وروي أنه قيل: يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت { فَذَكِّرْ بِالْقُرءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }.