الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } * { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }

قوله عز وجل: { يَوْمَ نُقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنَ مَّزِيدٍ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: هل يزاد إلى من ألقي غيرهم؟ فالاستخبار عمن بقي، قاله زيد بن أسلم.

الثاني: معناه إني قد امتلأت، ممن ألقي في، فهل أسع غيرهم؟ قاله مقاتل.

الثالث: معناه هل يزاد في سعتي؟ لإلقاء غير من ألقي في، قاله معاذ.

وفي قوله: { وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } وجهان:

أحدهما: أن زبانية جهنم قالوا هذا.

الثاني: أن حالها كالمناطقة بهذا القول، كما قال الشاعر:

امتلأ الحوض وقال قطني   مهلاً رويداً قد ملأت بطني
قوله عز وجل: { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } في الأواب الحفيظ ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه الذاكر ذنبه في الخلاء، قاله الحكم.

الثاني: أنه الذي إذا ذكر ذنباً تاب واستغفر الله منه، قاله ابن مسعود ومجاهد والشعبي.

الثالث: أنه الذي لا يجلس مجلساً فيقوم حتى يستغفر الله فيه، قاله عبيد بن عمير.

وأما الحفيظ هنا ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه المطيع فيما أمر، وهو معنى قول السدي.

الثاني: الحافظ لوصية الله بالقبول، وهو معنى قول الضحاك.

الثالث: أنه الحافظ لحق الله بالاعتراف ولنعمه بالشكر، وهو معنى قول مجاهد. وروى مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ كَانَ أَوَّاباً حَفِيظاً ".

قوله عز وجل: { مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } فيه وجهان:

أحدهما: أنه الذي يحفظ نفسه من الذنوب في السر كما يحفظها في الجهر.

الثاني: أنه التائب في السر من ذنوبه إذا ذكرها، كما فعلها سراً.

ويحتمل ثالثاً: أنه الذي يستتر بطاعته لئلا يداخلها في الظاهر رياء. ووجدت فيه لبعض المتكلمين.

رابعاً: أنه الذي أطاع الله بالأدلة ولم يره.

{ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه المنيب المخلص، قاله السدي.

الثاني: أنه المقبل على الله، قاله سفيان.

الثالث: أنه التائب، قاله قتادة.

{ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ } يعني ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم.

{ وَلَدَينَا مَزِيدٍ } فيه وجهان:

أحدهما: أن المزيد من يزوج بهن من الحور العين، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً.

الثاني: أنها الزيادة التي ضاعفها الله من ثوابه بالحسنة عشر أمثالها.

وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل أخبره: أن يوم الجمعة يدعى في الآخرة يوم المزيد. وفيه وجهان:

أحدهما: لزيادة ثواب العمل فيه.

الثاني: لما روي أن الله تعالى يقضي فيه بين خلقه يوم القيامة.