قوله تعالى: { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ } يعني عبدة الأوثان من العرب، تَمَالأَ الفريقان على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم. { وَلَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامنواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارى } ليس هذا على العموم، وإنما هو خاص، وفيه قولان: أحدهما: عنى بذلك النجاشي وأصحابه لَمَّا أَسْلَمُوا، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير. والثاني: أنهم قوم من النصارى كانوا على الحق متمسكين بشريعة عيسى عليه السلام، فَلَمَّا بُعِثَ محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به، قاله قتادة. { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً } واحد القسيسين قس، من قس وهم العباد. وواحد الرهبان راهب، وهم الزهاد. { وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } يعني عن الإِذعان للحق إذا لزم، وللحجة إذا قامت. وفي قوله تعالى: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } وجهان: أحدهما: مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يشهدون بالحق، كما قال تعالى:{ لِتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ } [البقرة: 143]، قاله ابن عباس، وابن جريج. والثاني: يعني الذين يشهدون بالإِيمان، قاله الحسن.