الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ } * { إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } * { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم }

قوله عز وجل: { وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُم } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: لا يسألكم أموالكم لنفسه.

الثاني: لا يسألكم جميع أموالكم في الزكاة ولكن بعضها.

الثالث: لا يسألكم أموالكم وإنما يسألكم أمواله، لأنه أملك بها وهو المنعم بإعطائها.

{ إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الإخفاء أخذ الجميع، قاله ابن زيد وقطرب.

الثاني: أنه الإلحاح وإكثار السؤال، مأخوذ من الحفاء وهو المشي بغير حذاء، قاله ابن عيسى.

الثالث: أن معنى فيحفكم أي فيجدكم تبخلوا، قاله ابن عيينة.

{ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } يحتمل وجهين:

أحدهما: يظهر بامتناعكم ما أضمرتموه من عدوانكم.

الثاني: تظهرون عند مسألتكم ما أضمرتموه من عداوتكم.

قوله عز وجل: { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَستَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: وإن تتولوا عن كتابي، قاله قتادة.

الثاني: عن طاعتي، حكاه ابن أبي حاتم.

الثالث: عن الصدقة التي أُمرتم بها، قاله الكلبي.

الرابع: عن هذا الأمر فلا تقبلونه، قاله ابن زيد.

{ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنهم أهل اليمن وهم الأنصار، قاله شريح بن عبيد.

الثاني: أنهم الفرس. روى أبو هريرة قال: لما نزل { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُم ثُمَّ لاَ يَكُونُوآ أمْثَالَكُم } كان سلمان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا يستبدلوا بنا؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان وقال: " هذا وَقَومُهُ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ الدِّينَ مُعَلَّقٌ بِالثُّرَيَّا لَنالَهُ رَِجَالٌ مِن أَبْنَاءِ فَارِس ".

الثالث: أنهم من شاء من سائر الناس، قاله مجاهد.

{ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُم } فيه وجهان:

أحدهما: يعني في البخل بالإنفاق في سبيل الله، قاله الطبري.

الثاني: في المعصية وترك الطاعة.

وحكي عن أبي موسى الأشعري أنه لما نزلت هذه الآية فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن الدُّنْيَا ".