الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } * { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ }

قوله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى } فيهم قولان:

أحدهما: أنهم اليهود كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعدما علموا في التوراة أنه نبي، قاله قتادة وابن جريج.

الثاني: المنافقون قعدوا عن القتال من بعدما علموه في القرآن، قاله السدي.

{ الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: أعطاهم سؤالهم، قاله ابن بحر.

الثاني: زين لهم خطاياهم، قاله الحسن.

{ وَأَمْلَى لَهُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: أمهلهم، قاله الكلبي ومقاتل فعلى هذا يكون الله تعالى هو الذي أملى لهم بالإمهال في عذابهم.

والوجه الثاني: أن معنى أملى لهم أي مد لهم في الأمل فعلى هذا فيه وجهان:

أحدهما: أن الله تعالى هو الذي أملى لهم في الأمل، قاله الفراء والمفضل.

الثاني: أن الشيطان هو الذي أملى لهم في مد الأمل بالتسويف، قاله الحسن.

{ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ } وفي قائل ذلك قولان:

أحدهما: أنهم اليهود قالوا للمنافقين سنطيعكم في بعض الأمر. وفيما أرادوا بذلك وجهان:

أحدهما: سنطيعكم في ألا نصدق بشيء، من مقالته، قاله الضحاك.

الثاني: سنطيعكم في كتم ما علمنا من نبوته، قاله ابن جريج.

القول الثاني: أنهم المنافقون قالوا لليهود سنطيعكم في بعض الأمر, وفيما أرادوه بذلك ثلاثة أوجه:

أحدهما: سنطيعكم في غير القتال من بغض محمد صلى الله عليه وسلم والقعود عن نصرته، قال السدي.

الثاني: سنطيعكم في الميل إليكم والمظاهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثالث: سنطيعكم في الارتداد بعد الإيمان.

{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } يحتمل وجهين:

أحدهما: ما اسر بعضهم إلى بعض من هذا القول.

الثاني: ما أسروه في أنفسهم من هذا الاعتقاد.

قوله عز وجل: { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ } يحتمل وجهين:

أحدهما: بالقتال نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثاني: بقبض الأرواح عند الموت.

{ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارُهُمْ } يكون على احتمال وجهين:

أحدهما: يضربون وجوههم في القتال عند الطلب وأدبارهم عند الهرب.

الثاني: يضربون وجوههم عند الموت بصحائف كفرهم، وأدبارهم في القيامة عند سوقهم إلى النار.