قوله عز وجل: { وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } هم المنافقون: عبد الله بن أُبيّ بن سلول، ورفاعة بن التابوت، وزيد بن الصليت، والحارث بن عمرو، ومالك بن الدخشم. وفيما يستمعونه قولان: أحدهما: أنهم كانوا يحضرون الخطبة يوم الجمعة فإذا سمعوا ذكر المنافقين فيها أعرضوا عنه، فإذا خرجوا سألوا عنه، قاله الكلبي ومقاتل. الثاني: أنهم كانوا يحضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين، فيسمعون منه ما يقول، فيعيه المؤمن ولا يعيه المنافق. { حَتَّى إِذا خَرَجُواْ مِن عِندِكَ } أي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. { قَالُواْ لِلَّذِينَ أوتُواْ الْعِلْمَ } فيهم أربعة أقاويل: أحدها: أنه عبد الله بن عباس، قاله عكرمة. الثاني: عبد الله بن مسعود، قاله عبد الله بن بريدة. الثالث: أبو الدرداء، قاله القاسم بن عبد الرحمن. الرابع: أنهم الصحابة، قاله ابن زيد. { مَاذَا قَالَ ءَانِفاً } هذا سؤال المنافقين للذين أُوتوا العلم إذا خرجوا من عند النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه وجهان: أحدهما: يعني قريباً. الثاني: مبتدئاً. وفي مقصودهم بهذا السؤال وجهان: أحدهما: الإستهزاء بما سمعوه. الثاني: البحث عما جهلوه. قوله عز وجل: { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الإستهزاء زاد المؤمنين هدى، قاله الفراء. الثاني: أن القرآن زادهم هدى، قاله ابن جريج. الثالث: أن الناسخ والمنسوخ زادهم هدى، قاله عطية. وفي الهدى الذي زادهم أربعة أقاويل: أحدها: زادهم علماً، قاله الربيع بن أنس. الثاني: علموا ما سمعوا، وعلموا بما عملوا، قاله الضحاك. الثالث: زادهم بصيرة في دينهم وتصديقاً لنبيهم، قاله الكلبي. الرابع: شرح صدورهم بما هم عليه من الإيمان. ويحتمل خامساً: والذين اهتدوا بالحق زادهم هدى للحق. { وَءَاتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } فيه خمسة أوجه: أحدها: آتاهم الخشية، قاله الربيع. الثاني: ثواب تقواهم في الآخرة، قاله السدي. الثالث: وفقهم للعمل الذي فرض عليهم، قاله مقاتل. الرابع: بين لهم ما يتقون، قاله ابن زياد. الخامس: أنه ترك المنسوخ والعمل بالناسخ، قاله عطية. قوله عز وجل: { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأتِيَهُم بَغْتَةً } أي فجأة. { فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا } فيه أربعة أقاويل: أحدها: أشراطها آياتها، قاله ابن زيد. الثاني: أوائلها، قاله ابن عباس. الثالث: أنه انشقاق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الحسن. الرابع: ظهور النبي، قاله الضحاك. قال الضحاك لأنه آخر الرسل وأمته آخر الأمم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بُعِثْتُ وَالسَّاعَة كَهَاتِينِ " وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى. { فَأَنَّى لَهُمْ } قال السدي: معناه فكيف لهم النجاة. { إذَا جَآءَتْهُمْ ذِكرَاهُمْ } فيه وجهان: أحدهما: إذا جاءتهم الساعة، قاله قتادة. الثاني: إذا جاءتهم الذكرى عند مجيء الساعة، قاله ابن زيد.