قوله عز وجل: { وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } الأمة أهل كل ملة. وفي الجاثية خمسة تأويلات: أحدها: مستوفزة، قاله مجاهد. وقال سفيان: المستوفز الذي لا يصيب منه الأرض إلا ركبتاه وأطراف أنامله. الثاني: مجتمعة، قاله ابن عباس. الثالث: متميزة، قاله عكرمة. الرابع: خاضعة بلغة قريش، قاله مؤرج. الخامس: باركة على الركب، قاله الحسن. وفي الجثاة قولان: أحدهما: أنه للكفار خاصة، قاله يحيى بن سلام. الثاني: أنه عام للمؤمن والكافر انتظاراً للحساب. وقد روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن عبد الله بن باباه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كأني أراكم بالكوم جاثين دون جهنم. { كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: إلى حسابها، قاله يحيى بن سلام. الثاني: إلى كتابها الذي كان يستنسخ لها فيه ما عملت من خير وشر، قاله الكلبي. الثالث: إلى كتابها الذي أنزل على رسولها، حكاه الجاحظ. قوله عز وجل: { هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه القرآن يدلكم على ما فيه من الحق، فكأنه شاهد عليكم، قاله ابن قتيبة. الثاني: أنه اللوح المحفوظ يشهد بما قضي فيه من سعادة وشقاء، خير وشر، قاله مقاتل، وهو معنى قول مجاهد. الثالث: أنه كتاب الأعمال الذي يكتب الحفظة فيه أعمال العباد ويشهد عليكم بما تضمنه من صدق أعمالكم، قاله الكلبي. { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُم تَعْمَلُونَ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يعني يكتب الحفظة ما كنتم تعملون في الدنيا، قاله علي رضي الله عنه ومن زعم أنه كتاب الأعمال. الثاني: أنه الحفظة تستنسخ الخزنة ما هو مدوَّن عندها من أحوال العباد، قاله ابن عباس ومن زعم أن الكتاب هو اللوح المحفوظ. الثالث: نستنسخ ما كتب عليكم الملائكة الحفظة، قاله الحسن لأن الحفظة ترفع إلى الخزنة صحائف الأعمال.