قوله عز وجل: { وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا } وهذا القول منهم إنكار للآخرة وتكذيب بالبعث وإبطال للجزاء. { نَمُوتُ وَنَحْيَا } فيه وجهان: أحدهما: أنه مقدم ومؤخر، وتقديره: نحيا نموت. وهي كذلك في قراءة ابن مسعود. الثاني: أنه على تربيته، وفي تأويله وجهان: أحدهما: نموت نحن ويحيا أولادنا، قاله الكلبي. الثاني: يموت بعضنا. { وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ } فيه أربعة أوجه: أحدها: وما يهلكنا إلا العمر، قاله قتادة. وأنشد قول الشاعر:
لكل أمر أتى يوماً له سبب
والدهر فيه وفي تصريفه عجب
الثاني: وما يهلكنا إلا الزمان، قاله مجاهد. وروى أبو هريرة قال: كان أهل الجاهلية يقولون إنما يهلكنا الليل والنهار، والذي يهلكنا يميتنا ويحيينا، فنزلت هذه الآية. الثالث: وما يهلكنا إلا الموت، قاله قطرب، وأنشد لأبي ذؤيب:
أمن المنون وريبها تتوجع
والدهر ليس بمعتب من يجزع
الرابع: وما يهلكنا إلا الله، قاله عكرمة. وروى الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رجال يقولون: يا خيبة الدهر، يا بؤس الدهر، لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل هو الدهر، وإنه يقبض الأيام ويبسطها ".