قوله عز وجل: { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ } أي اكتسبوا الشرك. قال الكلبي: الذين أريد بهم هذه الآية عتبه وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. { أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } قال الكلبي أريد بهم علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث حين برزوا إليهم يوم بدر فقتلوهم. قوله عز وجل: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أفرأيت من اتخذ دينه ما يهواه، فلا يهوى شيئاً إلا ركبه، قاله ابن عباس. الثاني: أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه ويستحسنه، فإذا استحسن شيئاً وهو به اتخذه إلهاً، قاله عكرمة، قاله سعيد بن جبير: كان أحدهم يعبد الحجر. فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخر. الثالث: أفرأيت من ينقاد لهواه انقياده لإلهه ومعبوده تعجباً لذوي العقول من هذا الجهل. { وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ } فيه تأويلان: أحدهما: وجده ضالاً، حكاه ابن بحر. الثاني: معناه ضل عن الله. ومنه قول الشاعر:
هبوني امرأً منكم اضلَّ بعيره
له ذمة إن الذمام كثير
أي ضل عنه بعيره. وفي قوله: { عَلَى عِلْمٍ } وجهان: أحدهما: على علم منه أنه ضال، قاله مقاتل. الثاني: قاله ابن عباس أي في سابق علمه أنه سيضل. { وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ } أي طبع على سمعه حتى لا يسمع الوعظ وطبع على قلبه حتى لا يفقه الهدى. { وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غَشَاوَةً } حتى لا يبصرالرشد. ثم في هذا الكلام وجهان: أحدهما: أنه خارج مخرج الخبر عن أحوالهم. الثاني: أنه خارج مخرج الدعاء بذلك عليهم. وحكى ابن جريج أنها نزلت في الحارث بن قيس من الغياطلة، وحكى الضحاك أنها نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف.