الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } * { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } * { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } * { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } * { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } * { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } * { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } * { مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ }

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَوْمَ فِرْعَوْنَ } أي ابتليناهم.

{ وَجَآءَهُمْ رَسُولُ كَرِيمٌ } وهو موسى بن عمران عليه السلام. وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: كريم على ربه، قاله الفراء.

الثاني: كريم في قومه.

الثالث: كريم الأخلاق بالتجاوز والصفح.

قوله عز وجل: { أَنْ أَدُّواْ إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أي أرسلوا معي بني إسرائيل ولا تستعبدوهم، قاله مجاهد.

الثاني: أجيبوا عباد الله خيراً، قاله أبو صالح.

الثالث: أدوا إليَّ يا عباد الله ما وجب عليكم من حقوق الله، وهذا محتمل.

{ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } يحتمل وجهين:

أحدهما: أمين على أن أؤديه لكم فلا أتزيد فيه.

الثاني: أمين على ما أستأديه منكم فلا أخون فيه.

قوله عز وجل: { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى اللَّهِ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: لا تبغوا على الله، قاله قتادة.

الثاني: لا تفتروا على الله، قاله ابن عباس، والفرق بين البغي والافتراء أن البغي بالفعل، والافتراء بالقول.

الثالث: لا تعظموا على الله، قاله ابن جريج.

الرابع: لا تستكبروا على عباد الله، قاله يحيى. والفرق بين التعظيم والاستكبار أن التعظيم تطاول المقتدر، والاستكبار ترفع المحتقر.

{ إِنِّي ءَاتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } فيه وجهان:

أحدهما: بعذر مبين، قاله قتادة.

الثالث: بحجة بينة، قاله يحيى.

قوله عز وجل: { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: لجأت إلى ربي وربكم.

الثاني: استغثت. والفرق بينهما أن الملتجىء مستدفع والمستغيث مستنصر.

قوله: { بَرَبِّي وَرَبِّكُمْ } أي ربي الذي هو ربكم.

{ أَن تَرْجُمُونِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: بالحجارة، قاله قتادة.

الثاني: أن تقتلوني، قاله السدي.

الثالث: أن تشتموني بأن تقولوا ساحر أو كاهن أو شاعر، قاله أبو صالح.

{ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَاعْتَزِلُونِ } أي إن لم تؤمنوا بي وتصدقوا قولي فخلوا سبيلي وكفوا عن أذاي.

قوله عز وجل: { وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً } فيه سبعة تأويلات:

أحدها: سمتاً، قاله ابن عباس.

الثاني: يابساً، قاله ابن أبي نجيح.

الثالث: سهلاً، قاله الربيع.

الرابع: طريقاً، قاله كعب والحسن.

الخامس: منفرجاً، قاله مجاهد.

السادس: غرقاً، قاله عكرمة.

السابع: ساكناً، قاله الكلبي والأخفش وقطرب. قال القطامي:

يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلةٌ   ولا الصدور على الأعجاز تتكل
قال قتادة: لما نجا بنو إسرائيل من البحر وأراد آل فرعون أن يدخلوه خشي نبي الله موسى عليه السلام أن يدركوه فأراد أن يضرب البحر حتى يعود كما كان فقال الله تعالى: { وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً } أي طريقاً يابساً حتى يدخلوه.

{ إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } قال مقاتل: هو النيل، وكان عرضه يومئذٍ فرسخين، قال الضحاك: كان غرقهم بالقلزم وهو بلد بين مصر والحجاز.

فإن قيل فليست هذه الأحوال في البحر من فعل موسى ولا إليه.

السابقالتالي
2 3