قوله عز وجل: { الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ } فيه قولان: أحدهما: أنهم أعداء في الدنيا، لأن كل واحد منهم زين للآخر ما يوبقه، وهو معنى قول مجاهد. الثاني: أنهم أعداء في الآخرة مع ما كان بينهم من التواصل في الدنيا لما رأوا سوء العاقبة فيها بالمقارنة، وهو معنى قول قتادة. وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في أمية بن خلف الجمحي، وعقبة بن أبي معيط كانا خليلين. وكان عقبة يجالس النبي صلى الله عليه وسلم فقالت قريش قد صبأ عقبة بن أبي معيط وقال له أمية: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمداً ولم تتفل في وجهه ففعل عقبة ذلك فنذر النبي صلى الله عليه وسلم قتله، فقتله يوم بدر صبراً، وقتل أمية في المعركة، وفيهما نزلت هذه الآية. قوله عز وجل: { أَنتُمْ وأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: هم وأزواجهم المؤمنات في الدنيا. الثاني: ومن يزوجون من الحور في الآخرة. الثالث: هم وقرناؤهم في الدنيا. وفي { تُحْبَرُونَ } ستة تأويلات: أحدها: تكرمون، قاله ابن عباس، والكرامة في المنزلة. الثاني: تفرحون، قاله الحسن، والفرح في القلب. الثالث: تتنعمون، قاله قتادة، والنعيم في البدن. الرابع: تسرّون، قاله مجاهد، والسرور في العين. الخامس: تعجبون، قاله ابن أبي نجيح، والعجب ها هنا درك ما يستطرف. السادس: أنه التلذذ بالسماع، قاله يحيى بن أبي كثير. قوله عز وجل: {.. وَأَكْوَابٍ } فيها خمسة أقاويل: أحدها: أنه الآنية المدورة الأفواه، قاله مجاهد. الثاني: أنها ليست لها آذن، قاله السدي. الثالث: أن الكوب: المدور القصير العنق القصير العروة، والإبريق: الطويل العنق الطويل العروة، قاله قتادة. الرابع: أنها الأباريق التي لا خراطيم لها، قاله الأخفش. الخامس: أنها الأباريق التي ليس لها عروة، قاله قطرب. قوله عز وجل: { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُ الأَعْيُنُ } قرأ نافع، وابن عامر، وعاصم في رواية حفص { تَشْتَهِيهِ }. ويحتمل وجهين: أحدهما: ما تشتهي الأنفس ما تتمناه، وما تلذ الأعين هو ما رآه فاشتهاه. الثاني: ما تشتهيه الأنفس هو ما كان طيب المخبر، وما تلذ الأعين ما كان حسن المنظر.