الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } * { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } * { وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } * { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } * { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } * { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ }

قوله عز وجل: { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: يعرض، قاله قتادة.

الثاني: يعمى، قاله ابن عباس.

الثالث: أنه السير في الظلمة، مأخوذ من العشو وهو البصر الضعيف، ومنه قول الشاعر:

لنعم الفتى تعشو إلى ضوءِ ناره   إذا الريحُ هبّت والمكان جديب
وفي قوله: { عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } ثلاثة أوجه:

أحدها: عن ذكر الله، قاله قتادة.

الثاني: عما بيّنه الله من حلال وحرام وأمر ونهي، وهو معنى قول ابن عباس.

الثالث: عن القرآن لأنه كلام الرحمن، قاله الكلبي.

{ نُقِيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً } فيه وجهان:

أحدهما: نلقيه شيطاناً.

الثاني: نعوضه شيطاناً، مأخوذ من المقايضة وهي المعاوضة.

{ فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } فيه قولان:

أحدهما: أنه شيطان يقيض له في الدنيا يمنعه من الحلال ويبعثه على الحرام، وينهاه عن الطاعة ويأمره بالمعصية، وهو معنى قول ابن عباس.

الثاني: هو أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره شفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصير بهما الله إلى النار، قاله سعيد بن جبير.

قوله عز وجل: { حَتَّى إِذَا جَآءَنا } قرأ على التوحيد أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص، يعني ابن آدم، وقرأ الباقون { جَاءَانَا } على التثنية يعني ابن آدم وقرينه.

{ قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَعُدَْ الْمَشْرِقَيْنِ } هذا قول ابن آدم لقرينه وفي المشرقين قولان:

أحدهما: أنه المشرق والمغرب فغلب أحدهما على الآخر كما قيل: سنة العمرين، كقول الشاعر:

أخذنا بآفاق السماء عليكم   لنا قمراها والنجوم الطوالع
الثاني: أنه مشرق الشتاء ومشرق الصيف، كقوله تعالى { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ }.

قوله عز وجل: { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيه قولان:

أحدهما: إما نخرجنك من مكة من أذى قريش فإنا منهم منتقمون بالسيف يوم بدر.

الثاني: فإما نقبض روحك إلينا فإنا منتقمون من أمتك فيما أحدثوا بعدك. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أُرِي ما لقيت أمته بعده فما زال منقبضاً ما انبسط ضاحكاً حتى لقي الله تعالى.

قوله عز وجل: { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } يعني القرآن ذكر لك [ولقومك].

وفي { لَذِكْرٌ } قولان:

أحدهما: الشرف، أي شرف لك ولقومك، قاله ابن عباس.

الثاني: أنه لذكر لك ولقومك تذكرون به أمر الدين وتعملون به، حكاه ابن عيسى.

{ وَلِقَوْمِكَ } فيه قولان:

أحدهما: من اتبعك من أمتك، قاله قتادة.

الثاني: لقومك من قريش فيقال: ممن هذا الرجل؟ فيقال: من العرب، فيقال: من أي العرب؟ فيقال: من قريش، قاله مجاهد.

{ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } فيه وجهان:

أحدهما: عن الشكر، قاله مقاتل.

الثاني: أنت ومن معك عما أتاك، قاله ابن جريج.

وحكى ابن أبي سلمة عن أبيه عن مالك بن أنس في قوله { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } أنه قول الرجل حدثني أبي عن جدي.

السابقالتالي
2