الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } * { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } * { وَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } * { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } * { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } * { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } * { وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ }

قوله عز وجل: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ } البراء مصدر موضع الوصف، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، فكأنه قال إنني بريء.

{ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي } وهذا استثناء منقطع وتقديره، لكن الذي فطرني أي خلقني:

{ فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } وقيل فيه محذوف تقديره إلا الذي فطرني لا أبرأ منه { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } قال ذلك ثقة بالله وتنبيهاً لقومه أن الهداية من ربه.

قوله عز وجل: { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيةً فِي عَقِبِهِ } فيها ثلاثة أقاويل:

أحدها: لا إله إلا الله، لم يزل في ذريته من يقولها، قاله مجاهد، وقتادة.

الثاني: ألا تعبدوا إلا الله، قاله الضحاك.

الثالث: الإسلام، لقوله تعالى: { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } قاله عكرمة. وفي { عَقِبِهِ } ثلاثة أوجه:

أحدها: ولده، قاله عكرمة.

الثاني: في آل محمد صلى الله عليه وسلم، قاله السدي.

الثالث: من خلفه، قاله ابن عباس.

{ لَعَلَّهُم يَرْجِعُونَ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: يرجعون إلى الحق، قاله إبراهيم.

الثاني: يتوبون، قاله ابن عباس.

الثالث: يذكرون، قاله قتادة.

الرابع:يرجعون إلى دينك الذي هو دين إبراهيم، قاله الفراء.

قوله عز وجل: { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءَانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ } أما القريتان فإحداهما مكة والأخرى الطائف.

وأما عظيم مكة ففيه قولان: أحدهما: أنه الوليد بن المغيرة، قاله ابن عباس.

الثاني: عتبة بن ربيعة، قاله مجاهد.

وأما عظيم الطائف ففيه أربعة أقاويل:

أحدها: أنه حبيب بن عمر الثقفي، قاله ابن عباس.

الثاني: [عمير] بن عبد ياليل، [الثقفي] قاله مجاهد.

الثالث: عروة بن مسعود، قاله قتادة.

الرابع: أنه كنانة [عبد] بن عمرو، قاله السدي.

قوله عز وجل: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } يعني النبوة فيضعوها حيث شاءوا.

{ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنَْيَا } يعني أرزاقهم، قال قتادة: فتلقاه ضعيف القوة قليل الحيلة عيي اللسان وهو مبسوط له، وتلقاه شديد الحيلة بسيط اللسان وهو مقتر عليه.

{ وَرَفَعَنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } فيه خمسة أوجه:

أحدها: بالفضائل، فمنهم فاضل ومنهم مفضول، قاله مقاتل.

الثاني: بالحرية والرق، فبعضهم مالك وبعضهم مملوك.

الثالث: بالغنى والفقر، فبعضهم غني، وبعضهم فقير.

الرابع: بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الخامس: قاله السدي، التفضيل في الرزق إن الله تعالى قسم رحمته بالنبوة كما قسم الرزق بالمعيشة.

{ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } فيه وجهان:

أحدهما: يعني خدماً، قاله السدي.

الثاني: ملكاً، قاله قتادة.

{ وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: أن النبوة خير من الغنى.

الثاني: أن الجنة خير من الدنيا.

الثالث: أن إتمام الفرائض خير من كثرة النوافل.

الرابع: أن ما يتفضل به عليهم خير مما يجازيهم عليه من أعمالهم، قاله بعض أصحاب الخواطر.

السابقالتالي
2