الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } * { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ }

قوله عز وجل: { حم. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ } الكتاب هو القرآن: وفي تسميته مبيناً ثلاثة أوجه:

أحدها: لأنه بيِّن الحروف، قاله أبو معاذ.

الثاني: لأنه بين الهدى والرشد والبركة، قاله قتادة.

الثالث: لأن الله تعالى قد بين فيه أحكامه وحلاله وحرامه، قاله مقاتل.

وفي هذا موضع القسم، وفيه وجهان:

أحدهما: معناه ورب الكتاب.

الثاني: أنه القسم بالكتاب، ولله عز وجل أن يقسم بما شاء، وإن لم يكن ذلك لغيره من خلقه.

وجواب القسم { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرءاناً عَرَبِيّاً } وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: إنا أنزلناه عربياً، قاله السدي.

الثاني: إنا قلناه قرآناً عربياً، قاله مجاهد.

الثالث: إنا بيناه قرآناً عربياً، قاله سفيان الثوري. ومعنى العربي أنه بلسان عربي،وفيه قولان:

أحدهما: أنه جعل عربياً لأن لسان أهل السماء عربي، قاله مقاتل.

الثاني: لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه، قاله سفيان الثوري.

{ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } فيه وجهان:

أحدهما: تفهمون، فعلى هذا يكون هذا القول خاصاً بالعرب دون العجم، قاله ابن عيسى.

الثاني: يتفكرون قاله ابن زيد، فعلى هذا يكون خطاباً عاماً للعرب والعجم.

قوله عز وجل: { وَإِنَّهُ فِي أَمِّ الْكِتَابِ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: جملة الكتاب.

الثاني: أصل الكتاب، قاله ابن سيرين.

الثالث: أنها الحكمةالتي نبه الله عليها جميع خلقه، قاله ابن بحر.

وفي { الْكِتَابِ } قولان:

أحدهما أنه اللوح المحفوظ؛ قاله مجاهد.

الثاني: أنه ذكر عند الله فيه ما سيكون من أفعال العباد مقابل يوم القيامة بما ترفعه الحفظة من أعمالهم، قاله ابن جريج.

وفي المكنى عنه أنه في أمِّ الكتاب قولان:

أحدهما: أنه القرآن، قاله الكلبي.

الثاني: أنه ما يكون من الخلق من طاعة ومعصية وإيمان أو كفر، قاله ابن جريج.

{ لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } فيه وجهان:

أحدهما: رفيع عن أن ينال فيبدل. حكيم أي محفوظ من نقص أو تغيير، وهذا تأويل من قال أنه ما يكون من الطاعات والمعاصي.

الثاني: أنه علي في نسخه ما تقدم من الكتب، وحكيم أي محكم الحكم فلا ينسخ، وهذا تأويل من قال أنه القرآن.

قوله عز وجل: { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: أفحسبتم أن نصفح ولما تفعلون ما أمرتم به؟ قاله ابن عباس.

الثاني: معناه أنكم تكذبون بالقرآن ولا نعاقبكم فيه، قاله مجاهد.

الثالث: أي نهملكم فلا نعرفكم بما يجب عليكم، حكاه النقاش.

الرابع: أن نقطع تذكيركم بالقرآن: وإن كذبتم به: قاله قتادة.

ويحتمل خامساً: أن نوعد ولا نؤاخذ، ونقول فلا نفعل.

{ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } فيه وجهان:

أحدهما: مشركين، قاله قتادة.

الثاني: مسرفين في الرد.

ومعن صفحاً أي إعراضاً، يقال صفحت عن فلان أي أعرضت عنه. قال ابن قتيبة: والأصل فيه إنك توليه صفحة عنقك. قال كثير في صفة امرأة:

صفحٌ فما تلقاك إلا بخيلة   فمن قَلّ منها ذلك الوصل قلّت
أي تعرض عنه بوجهها.

قوله عز وجل: { وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: سنة الأولين، قاله مجاهد.

الثاني: عقوبة الأولين، قاله قتادة.

الثالث: عِبرة الأولين، قاله السدي.

الرابع: خبر الأولين أنهم أهلكوا بالتكذيب، حكاه النقاش.