الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } * { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } * { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ }

قوله عز وجل: { وَمِن ءَايَاتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ } قال مجاهد هي السفن في البحر { كَالأَعْلاَمِ } أي كالجبال، ومنه قول الخنساء:

وإنَّ صَخْراً لتأتَمُّ الهُدَاةُ به   كأنَّه علمٌ في رأسِه نار
{ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ } أي وقوفاً على ظهر الماء، قال قتادة: لأن سفن هذا البحر تجري بالريح. فإذا أمسكت عنها ركدت.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } صبار على البلوى، شكور على النعماء.

قال قطرب: نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعْطِي شكر، وإذا ابتُلِيَ صبر.

قال عون بن عبد الله: فكم من منعم عليه غير شاكر، وكم من مبتلٍ غير صابر.

{ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ } معناه يغرقهن بذنوب أهلها.

{ ويَعْفُ عَن كَثِيرٍ } من أهلها فلا يغرقهم معها.

{ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } فيه وجهان:

أحدهما: من فرار ومهرب، قاله قطرب.

الثاني: ملجأ، قاله السُدي مأخوذ من قولهم حاص به البعير حيصة إذا مال به، ومنه قولهم فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه.