قوله عز وجل: { وَمِن ءَايَاتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ } قال مجاهد هي السفن في البحر { كَالأَعْلاَمِ } أي كالجبال، ومنه قول الخنساء:
وإنَّ صَخْراً لتأتَمُّ الهُدَاةُ به
كأنَّه علمٌ في رأسِه نار
{ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ } أي وقوفاً على ظهر الماء، قال قتادة: لأن سفن هذا البحر تجري بالريح. فإذا أمسكت عنها ركدت. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } صبار على البلوى، شكور على النعماء. قال قطرب: نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعْطِي شكر، وإذا ابتُلِيَ صبر. قال عون بن عبد الله: فكم من منعم عليه غير شاكر، وكم من مبتلٍ غير صابر. { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ } معناه يغرقهن بذنوب أهلها. { ويَعْفُ عَن كَثِيرٍ } من أهلها فلا يغرقهم معها. { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } فيه وجهان: أحدهما: من فرار ومهرب، قاله قطرب. الثاني: ملجأ، قاله السُدي مأخوذ من قولهم حاص به البعير حيصة إذا مال به، ومنه قولهم فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه.