الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } * { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

قوله عز وجل: { ومَن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله } الآية. فيه قولان:

أحدهما: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الحسن والسدي.

الثاني: أنهم المؤمنون دعوا إلى الله، قاله قيس بن أبي حازم ومجاهد.

{ وعمل صالحاً } فيه قولان:

أحدهما: أنه أداء الفرائض، قاله الكلبي.

الثاني: أنهم المصلون ركعتين بين الأذان والإقامة، قالته عائشة رضي الله عنها.

وروى هشام بن عروة عن عائشة قالت: كان بلال إذا قام يؤذن قالت اليهود قام غراب - لا قام- فنادى بالصلاة، وإذا ركعوا في الصلاة قالوا قد جثوا - لا جثوا- فنزلت هذه الآية في بلال والمصلين.

قوله عز وجل: { ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئةُ } فيه ستة تأويلات:

أحدها: أن الحسنة المداراة، والسيئة الغلظة، حكاه ابن عيسى.

الثاني: الحسنة الصبر والسيئة النفور.

الثالث: الحسنة الإيمان، والسيئة الشرك، قاله ابن عباس.

الرابع: الحسنة العفو والسيئة الانتصار، حكاه ابن عمير.

الخامس: الحسنة الحلم والسيئة الفحش، قاله الضحاك.

السادس: الحسنة حب آل رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيئة بغضهم، قاله علي كرم الله وجهه.

{ ادفع بالتي هي أحسنُ } فيه وجهان:

أحدهما: ادفع بحلمك جهل من يجهل، قاله ابن عباس.

الثاني: ادفع بالسلامة إساءة المسيء، قاله عطاء.

ويحتمل ثالثاً: ادفع بالتغافل إساءة المذنب، والذنب من الأدنى، والإساءة من الأعلى.

{ فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه ولي حميمٌ } قاله عكرمة: الولي الصديق، والحميم القريب.

وقيل هذه الآية نزلت في أبي جهل بن هشام كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمره بالصبر عليه والصفح عنه.

قوله عز وجل: { وما يلقاها إلا الذين صبروا } فيه وجهان:

أحدهما: ما يلقى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على الحلم.

الثاني: ما يلقى الجنة إلا الذين صبروا على الطاعة.

{ وما يلقاها إلا ذو حَظٍ عظيمٍ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: ذو جد عظيم، قاله السدي.

الثاني: ذو نصيب [وافر] من الخير، قاله ابن عباس.

الثالث: أن الحظ العظيم الجنة. قال الحسن: والله ما عظم حظ قط دون الجنة.

ويحتمل رابعاً: أنه ذو الخلق الحسن.

قوله عز وجل: { وإما ينزغنك مِن الشيطان نزغ } فيه خمسة تأويلات:

أحدها: أنه النزغ الغضب، قاله ابن زيد.

الثاني: أنه الوسوسة وحديث النفس، قاله السدي.

الثالث: أنه النجس، قاله ابن عيسى.

الرابع: أنه الفتنة، قاله ابن زياد.

الخامس: أنه الهمزات، قاله ابن عباس.

{ فاستعذ بالله } أي اعتصم بالله.

{ إنه هو السميع } لاستعاذتك { العليم } بأذيتك.