الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } * { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ } * { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ }

قوله عز وجل: { وقيضنا لهم قرناءَ } فيه قولان:

أحدهما: هيأنا لهم شياطين، قاله النقاش.

الثاني: خلينا بينهم وبين الشياطين، قاله ابن عيسى.

{ فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم } فيه أربعة تأويلات:

أحدها ما بين أيديهم من أمر الدنيا، وما خلفهم من أمر الآخرة، قاله السدي ومجاهد.

الثاني: ما بين أيديهم من أمر الآخرة فقالوا لا جنة ولا نار ولا بعث ولا حساب، وما خلفهم من أمر الدنيا فزينوا لهم اللذات، قاله الكلبي.

الثالث: ما بين أيديهم هو فعل الفساد في زمانهم، وما خلفهم هو ما كان قبلهم، حكاه ابن عيسى.

الرابع: ما بين أيديهم ما فعلوه، وما خلفهم ما عزموا أن يفعلوه.

ويحتمل خامساً: ما بين أيديهم من مستقبل الطاعات أن لا يفعلوها، وما خلفهم من سالف المعاصي أن لا يتوبوا منها.

قوله عز وجل: { وقال الذين كفروا لا تسمعُوا لهذا القرآن } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: لا تتعرضوا لسماعه.

الثاني: لا تقبلوه.

الثالث: لا تطيعوه من قولهم السمع والطاعة.

{ والغوا فيه } وفيه أربعة تأويلات:

أحدها: يعني قعوا فيه وعيبوه، قاله ابن عباس.

الثاني: جحدوه وأنكروه، قاله قتادة.

الثالث: عادوه، رواه سعيد بن أبي عروبة.

الرابع: الغوا فيه بالمكاء والتصدية، والتخليط في النطق حتى يصير لغواً، قاله مجاهد.

قوله عز وجل: { وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضَلاّنا من الجن والإنس } فيهما قولان:

أحدهما: دعاة الضلالة من الجن والإنس، حكاه بن عيسى.

الثاني: أن الذي من الجن إبليس، يدعوه كل من دخل النار من المشركين، والذي من الإنس ابن آدم القاتل أخاه يدعوه كل عاص من الفاسقين، قاله السدي.

وفي قوله: { أرنا اللذَين } وجهان:

أحدهما: أعطنا اللذين أضلانا.

الثاني: أبصرنا اللذين أضلانا.

{ نجعلهما تحت أقدامنا } يحتمل وجهين:

أحدهما: انتقاماً منهم.

الثاني: استذلالاً لهم.

{ ليكونا من الأسفلين } يعني في النار، قالوا ذلك حنقاً عليهما وعداوة لها.

ويحتمل قوله { من الأسفلين } وجهين:

أحدهما: من الأذلين.

الثاني: من الأشدين عذاباً لأن من كان في أسفل النار كان أشد عذاباً.